لا شكّ أن التصوير الليلي هو من اكثر أنواع التصوير المُتعبة، لإعتبارات عدّة (لسنا في وارد ذكرها)، لكنه قد يكون أجملها وأكثرها قدرةً على مزجك مع الطبيعة بكل جوارحك، ويُقدم لك راحة البصر المُرهق خلف الشاشات، وفسحة للعقل الطامح للتأمل الهادئ، وسويعات تُنقي القلب من همومه وشجونه.
لعلّ الفكرة النمطية عن هواة التصوير الليلي، هي صناديق العدة والعتاد المُترف التي تنوء بها الأحمال، وتلك التلسكوبات الموجهة للسماء كالمدافع، وبين هذا وذاك قلّ عدد مُريدي هذا الفنّ، خاصة في لبنان، مع اندثار الأماكن الخالية من التلوث الضوئي وصخب التمدد البشري.
والشرط الأخير لا زالت عكار، قادرةً على تحقيقه ولو بالحد الأدنى، فكل ما ذكرناه سابقاً من عُدةٍ وعتاد يكاد لا يساوي شيئاً امام الموقع الذي ينبغي ان يكون مدروساً بعناية شديدة وصولاً الى فكرة ومحتوى الصورة وتكوينها وترتيب عناصرها.
لقد حلّ التقدم التكنولجي في مجال التصوير مُشكلة العدة، فباتت حتى الهواتف المحمولة قادرة على التقاط الصور الليلة، ورغم عدم استطاعتها مقارعة الكاميرات الحديثة الاّ انها قد تكون مُحفزاً لخوض هذا المعترك او اعتزله قبل التورط في صرف آلاف الدولارات، او صرفها فعلاً.
لقد كنا قد خططنا مسبقاً للكشف على عدة مواقع مناسبة للتصوير الليلي ضمن عكار تكون خالية او شبه خالية من التلوث الضوئي الذي يؤثر سلباً على جودة الصور، فكانت المحطة الاولى في اعالي فنيدق بين غابات القموعة الرائعة، وكان من المفترض ان نقصد عمق هذه الغابات الاّ اننا توقفنا قرب بركة مياه اوحت لنا بأفكارٍ وأفكار !
وبالفعل درسنا الموقع بشكل سريعٍ ومكان ظهور حزام مجرة درب التبانة وثبتنا الكاميرا في موقعها المناسب وهي من نوع canon 5D mark iii مع عدسة 24 – 105 mm f4 وضبطنا نظام التركيز focus على الوضع اليدوي قبل غروب الشمس لأن من الصعوبة ضبطه مع اشتداد الظلام، وما إن بدأ الظلام يُسدل ستاره حتى امتلأت صفحة السماء بملايين وملايين النجوم !!
ولتتمكن الكاميرا من التقاطهم يجب ان تكون حساسية الضوء iso مرتفعة، وقد استعملت في صوري iso 6400 مع سرعة غالق shutter speed 20 ثانية (لا ينبغي ان تكون اكثر حتى لا توثر حركة الارض حتى مسار النجوم).
وهكذا صورت هذه الصور التي تُشاهدونا، رغم انني اضطررت الى دمج بعضها لعدم وجود عدسة عريضة wide angle بحوزتي، ورغم عدم خبرتي الكبيرة بمجال تعديل الصور الليلية، ولكن آمل ان تكون النتيجة مُرضية لكم، وتنال اعجابكم.
خالد طالب