غرائب

الطاعون دخل إلى قرية في إنكلترا عن طريق عيّنات قماش

قبل أكثر من ثلاثة قرون، عزل سكان قرية صغيرة في إنكلترا أنفسهم عن العالم فيما بات يعرف باسم “الحجر الصحي” وكان الهدف هو منع انتشار مرض الطاعون الذي فتك بملايين البشر حينذاك.قصة تلك القرية ألهمت المؤرخين الذين ربطوا بينها والحاضر الذي نعيشه الآن مع تفشي فيروس كورونا المستجد.صحيفة الغارديان في تقرير حول الموضوع، ذكرت أن سكان قرية “إيام” في مقاطعة دربيشير خلال تفشي الطاعون بين عامي 1665 و1666.ورغم أن حوالي ربع سكان القرية الذي بلغ عددهم حينها نحو ألف شخص قد لقوا حتفهم جراء المرض القاتل، إلا أن القرية استطاعت احتواءه.واليوم يتعلم سكانها من دروس الماضي في مواجهة الجائحة الجديدة. إيان سميث، وهو متطوع يعمل لدى متحف القرية قال للغارديان إن سكان القرية سبقوا عصرهم، فقد عرفوا أن قرب المسافات يساعد في نقل المرض، وعرفوا أهمية التباعد الاجتماعي.وكان الطاعون قد وصل إلى القرية عن طريق عينات قماش جاءت من لندن كانت عليها براغيث ناقلة للمرض، ومع زيادة عدد الوفيات في القرية الموبوءة قررت أن تعزل نفسها بفضل حملة قام بها كاهن ومساعد له لمنع انتقاله إلى مدن كبيرة مثل شيفيلد وباكويل وأبعد منذ ذلك في وسط وشمال إنكلترا.المؤرخة المحلية فرانسين كليفورد قالت إن القرية كانت تقيم الجنازات في الهواء الطلق، وفيها كان يقف المعزون بعيدا عن بعضهم البعض، وكان السكان يدفنون موتاهم في الحقول والحدائق بدلا من مقبرة القرية.بدأ المرض في القرية في خريف 1665 ثم تخللته فترة هدوء، وفي يونيو 1666 عاودت الحالات في الارتفاع، وفي ذلك الوقت أقنع كاهن القرية الجديد وليام مومبيسون سكانها بالبقاء في بيوتهم والموت فيها بألا يهربوا إلى المناطق المجاورة وبالتالي المساهمة في زيادة نشر المرض.ورغم ذلك، كان قرار العزل طواعية لم يفرضه حاكم أو شرطة، ما يكشف، بحسب مؤرخين، على حجم الوعي الذي تمتع به سكانها.يوجينيا توغنوتي، وهي مؤرخة كتبت مقالاً حول هذا الموضوع لـ”مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها” التابعة لوزارة الصحة الأميركية قالت إن الحجر الصحي الناجح يتطلب قبولا اجتماعيا وشروطا أخرى تختلف بحسب المنطقة والسياق السياسي، ومن النادر ألا يكون محل خلاف.المؤرخة قالت إن الكاهن ومساعده نجحا في توعية الرأي العام بأهمية عدم الذعر والخروج من القرية. وأضافت: “تعلمنا من الماضي في وقت الطاعون أهمية وجود حملة توعية لإعلام وتهدئة الجمهور، ومكافحة المعلومات الخاطئة والأخبار المزيفة” وهذا ما فعله الكاهن، الذي توفيت زوجته أثناء تفشي المرض، بإقناع سكان القرية من عمال المناجم الفقراء بضرورة التباعد الاجتماعي.لم يستمر العزل أياما معدودة بل واصل السكان عزلتهم لمدة حوالي ستة أشهر وذلك حتى نهاية عام 1666، ورغم أنهم كانوا يعلمون أنهم سيموتون في بيوتهم، إلا أنهم فضلوا ذلك على نقل المرض للآخرين والتسبب في قتل الآلاف، وبالفعل فقد توفي نحو 300 شخص من سكانها بعد هذا القرار.ويوجد في القرية شاهد على هذا الوعي ونجاح حملة الكاهن، بحسب تقرير الغارديان، إذ تطل على القرية من فوق تلة مقبرة تسمى “قبور رايلي” أطلق اسمها على اسم مزرعة دفنت فيها سيدة زوجها وستة أطفال، خلال أزمة تفشي المرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock
Libanaujourdui

مجانى
عرض