إقليمي و دولي

رفض الاستثمار وعرقلة الاقتراض.. هل تسعى قوى عراقية لإحراج الكاظمي؟

تمر حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بأصعب أوقاتها منذ أن تسلمت السلطة قبل 6 أشهر، ولاسيما مع تأخرها في إيفاء مستحقات ملايين الموظفين على مدى الأشهر الأخيرة، مما عظم الأزمة بإضراب بعض الكوادر الطبية، وخروج بعض الموظفين بوقفات احتجاجية، فضلا عن مقاضاة نقابة المعلمين لوزير المالية بسبب تأخيرالصرف.

وتسعى الحكومة لتجاوز الأزمة من خلال اللجوء للاقتراض لسد حاجتها من السيولة النقدية، بالإضافة لتعظيم الموارد من خلال استقطاب الاستثمارات الخارجية، كتلك التي أبرمتها مع السعودية في يونيو/ حزيران الماضي، لاستثمار أرض شاسعة على الشريط الحدودي بين البلدين، مع إحكام قبضتها على بعض الموارد الداخلية.

وتواجه تلك المساعي عقبات عدة، لاسيما تأخير البرلمان بالتصويت على قانون الاقتراض، مما أدى لتأخر إطلاق رواتب الموظفين لشهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى الآن، فضلا عن رفض بعض القوى المقربة من إيران للاستثمار السعودي، معتبرة إياه تهديدا خطيرا يمس أمن العراق، ويعتقد مراقبون أن ما يحدث محاولات حزبية لبعض القوى السياسية لإذكاء الصدام بين الكاظمي والشارع وإضعاف الحظوظ في السباق الانتخابي، من خلال افتعال الأزمات.

مكر وتملص

وتعليقا على ذلك، رد عضو اللجنة المالية في البرلمان جمال كوجر- في اتصال للجزيرة نت- قائلا إن تأخر البرلمان في تشريع قانون الاقتراض سببه عدم إرسال الحكومة بيانات تبين ماهية أرقام المبالغ المدرجة في جدول مشروع القانون المرسل، فضلا عن التأخر بإرسالها إلى الرابع من الشهر الجاري بعد طلبها، إلى جانب تحفظ اللجنة على الأرقام المذكورة.

ولفت النائب إلى أن الهدف من تلك الأرقام هو محاولة الحكومة تأمين رواتب الأشهر الثلاثة الأولى من العام القادم وتسديد ما عليها من العام الجاري، وهذا ما يوحي إلى أن الحكومة غير عازمة على إرسال قانون موازنة 2021، مبينا أن اللجنة تمكنت من تخفيض الرقم المطلوب من 34 مليار دولار إلى 25 مليارا مقسمة إلى 3 أقسام منها ما هو ضروري يتم منحه للحكومة كتعويضات الموظفين، وأخرى ترحل لموازنة 2021، وذلك مع ما يتلاءم مع الأزمة الحالية التي لا تسمح بالموافقة على كامل الأرقام.

وتنحصر مسؤولية الرواتب بالجهاز التنفيذي حصرا، لكن على ما يبدو أنه تم “تشويش المواطنين” ورمي الكرة في ملعب البرلمان، خوفا من الاصطدام مع الشارع، كما يقول كوجر، ويؤكد أن القوى السياسية لن تتأثر بذلك. والمتضرر الوحيد هما المؤسستان التشريعية -التي تحاول الحكومة تحميلها سبب عدم إطلاق الرواتب لتأخر تشريع قانون الاقتراض- والتنفيذية “التكنوقراط” مما يعني ألا تتحمل الأحزاب فشلها كما في السابق.

وتشير تقارير إلى أن مخصصات رواتب الموظفين والمتقاعدين والضمان الاجتماعي بلغت 52 مليار دولار، بما يزيد على الـ 43% من إجمالي نفقات الدولة، عام 2019، والتي بلغت 112 مليارا، معتمدة بنسبة 89% على إيرادات النفط، والتي تراجعت من 78 مليارا العام الماضي، إلى قرابة 18 مليارا للأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، جراء تفشي فيروس كورونا وتراجع الاقتصاد العالمي وقطاع النفط.

أبعاد إقليمية

وفي السياق يقول إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي -للجزيرة نت- إن عملية تأخير التصويت على قانون الاقتراض تأتي ضمن الصراع السياسي الذي نشأ مؤخرا ما بين الحكومة والبرلمان، ومحاولة فرض الإرادات، ولم يستبعد أن تكون محاولات “تكسير الأقوياء” واردة في هذا الجانب، لاسيما وأن هناك مؤشرات لامتلاك الكاظمي مشروعا سياسيا يحاول الدخول فيه للانتخابات.

وحمل الشمريُ الكاظميَ عدم تلافي الإحراج لتأخر حكومته بتقديم قانون الاقتراض، والذي يرى من جانبه أنه كان المفترض تقديمه منذ أغسطس/آب الماضي، خصوصا مع مؤشرات تفيد بأن الحكومة غير قادرة على تأمين رواتب الشهرين التاسع والعاشر.

وفيما يتعلق برفض الاستثمار السعودي، والذي كان قد بدأ منذ تأسيس المجلس التنسيقي المشترك إبان حكم حيدر العبادي، والتوقيع عليه في عهد عادل عبد المهدي، بحسب الشمري، الذي يرى أن رفض محاولة الكاظمي ترجمة المشروع والبدء بتنفيذه -الذي يعتقد فيه صالحا للعراق، من خلال توفير فرص عمل وتنمية الاقتصاد وانفتاحه- لا يرتبط بقضية إحراجه بقدر ما يرتبط ببعد إقليمي، يعتقد فيه حلفاء إيران أنه سيقوض التبادل التجاري مع طهران، ويبعد العراق عن دائرة الاقتصاد الإيراني.

تبشير.. اتهامات

من جانبه قال رئيس الوزراء، أمس الثلاثاء، في تغريدة على موقع تويتر، إن هناك من يحاول استخدام أزمة السيولة المالية مادة سياسية، إلا أنه تم التوصل إلى تفاهمات مشتركة بين الحكومة واللجنة المالية النيابية بأن الأزمة نتاج الأخطاء المتراكمة وسيتم حلها.

وقال الكاظمي، اليوم في جلسة مجلس الوزراء، إن هناك حملات تشكك بتقارب العراق مع أي دولة وشائعات تهدف لخلط الأوراق، مؤكدا أن العراق يجب أن يكون دولة جاذبة للاستثمار وليست طاردة، وأن إطلاق الرواتب سيتم بعد إقرار قانون الاقتراض.

كما علق مستشار رئيس الوزراء مشرق عباس، قائلا “إن من مارسوا سنوات من السياسات الاقتصادية البائسة والامتصاص الحزبي لموارد الدولة، ما زالوا يجربون نظريات خداع الرأي العام، معتقدين أن بإمكانهم تزوير الحقائق وتحميل المسؤولية لحكومة عمرها 6 أشهر، ولدت وسط الأزمات الطاحنة لتنقذ البلد من بلاء مغامراتهم” مشددا -في تدوينة على تويتر- ‏على أن يتحمل الجميع المسؤولية تجاه قوت الشعب.

المصدر : الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock
Libanaujourdui

مجانى
عرض