عارضة الأزياء حليمة عدن: لن أساوم على حجابي ولو بملايين الدولارات
عبّرت عارضة الأزياء المحجبة حليمة عدن -التي ظهرت على منصة عروض الأزياء “ماكس مارا” وعلى غلاف مجلة “فوغ” البريطانية- عن ندمها الشديد بشأن التنازل عن معتقداتها الدينية مقابل الارتقاء في مسيرتها المهنية.
وفي التقرير الذي نشرته صحيفة “تلغراف” (Teleghraph) البريطانية، قالت الكاتبة بيثان هولت إن حليمة وُلدت في مخيم للاجئين في كينيا، قبل أن تنتقل للعيش في الولايات المتحدة مع والديها الصوماليين عندما كانت طفلة.
وذاع صيت هذه العارضة باعتبارها نموذجًا يحتذى به للدلالة على الاختلاف والاحتشام في صناعة الأزياء، لكنها كشفت مؤخرا عن عدم ارتياحها في هذا المجال عبر منشور على إنستغرام أشارت فيه إلى أنها الآن تفضل “الدين على الدنيا”.
تقول حليمة عدن إن مجال الموضة يستغل البشر، ويجردهم من إنسانيتهم، لكنها تؤكد أن الله فتح بصيرتها على هذه الحقيقة قبل فوات الأوان، علما أن صورتها ظهرت على غلاف عدد “نيو فرونتيرز” لمجلة فوغ البريطانية في مايو/أيار 2018 كجزء من مجموعة من عارضات الأزياء اللاتي “يغيرن وجه الموضة”.
وأشار الكاتب إلى أن حليمة أعلنت أنها لن “تقدم عروض أزياء مرة أخرى، لأنّها “لم تعد روحيا تطمئن لذلك”، ولن تسافر لحضور أسابيع الموضة نصف السنوية في باريس أو لندن أو ميلان أو نيويورك، لأن هذه الوجهات كانت “مصدر كل الطاقة السلبية”.
وأضافت “حتى إن عرضوا عليّ 10 ملايين دولار لن أساوم على حجابي مرة أخرى”.
كما تشيد حليمة بالمجهودات التي بذلتها والدتها لإرشادها إلى اتباع قيمها الدينية، حيث كتبت “طلبت مني أمي التوقف عن عرض الأزياء منذ فترة طويلة. أتمنى لو لم أعارض ذلك؛ أمي هي الشخص الوحيد الذي يكنّ لي أنقى النوايا”.
وأشارت الكاتبة إلى أنه منذ ظهورها أول مرة عام 2017، تطورت طريقة حليمة في ارتداء الحجاب، واتسع نطاق الحدود التي عملت فيها شيئا فشيئا. اعلان
ارتدت في البداية الحجاب الأسود في معظم الأوقات، ثم انتقلت للمشاركة في جلسات التصوير الافتتاحية، حيث غطت رأسها بطرق مختلفة، كما هي الحال في صورتها التي ظهرت في مجلة “هاربر بازار” في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 في الولايات المتحدة لتجسيد صورة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي.
وكتبت حليمة “أتمنى لو لم أتوقف أبدًا عن ارتداء حجابي الأسود، ولنقول فقط إنني انجرفت كثيرًا؛ كنت في ذلك الوقت يائسة للغاية، لدرجة أنني فقدت التواصل مع ذاتي”.
بكت ذات مرة بعد التصوير عندما تمت مساومتها على قيمها، حيث تشرح قائلة “لا يمكنني إلا أن ألوم نفسي بسبب سذاجتي وتمردي. وألوم صناعة الأزياء لعدم وجود مصممات أزياء من النساء المسلمات”.
وقال الكاتب إن أفكار حليمة الآن تعارض ما أعربت عنه من تفاؤل في وقت مبكر من مسيرتها المهنية، عندما كانت تأمل تمهيد الطريق لتمثيل النساء المسلمات في مجال الموضة.
وتقول “أردت أن أنشر رسالة إيجابية عن الجمال والتنوع”. وصرحت حليمة لمجلة “بيزنس فاشن” في أول ظهور لها في فبراير/ شباط 2017 بأنها تريد أن “تؤكد للشابات المسلمات الأخريات أن هناك متسعًا لهن”.
ذاع صيتها بسرعة وتعاملت مع “ماكس مارا” و”ألبرتا فيريتي” في أسبوع الموضة في ميلانو، لكنها صرحت مؤخرا بأنها لن تتنازل عن معتقداتها الدينية والثقافية، مؤكدة أنها لم تخضع لأي ضغط لتكون شيئا آخر غير نفسها”.
وأضافت “لم أكن أعرف قط أن المرأة التي ترتدي الحجاب يمكن أن تكون عارضة أزياء”، كان ذلك بالنسبة لها مثيرا للغاية.
وأدت شهرة حليمة عدن في عالم الأزياء إلى تقسيم المحجبات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أحبت بعضهن رؤية اختياراتهن للملابس المحتشمة ممثلة في أهم المجلات، في حين شعرت أخريات بأن هذه العارضة قدمت تنازلات إلى حد كبير.
عندما ظهرت حليمة على غلاف مجلة “سبورتس إليسترايتد” مرتدية البوركيني في مايو/أيار 2019، رأى البعض أنها خطوة مهمة في تمثيل المرأة المسلمة.
لكن بسمة خليفة، مصممة الأزياء والكاتبة المسلمة، كتبت في صحيفة تلغراف “عندما رأيت الغلاف والتعليق فكرت: لماذا تريد أن تنتمي إلى غلاف مجلة يمثل كل ما لا تؤمن به شخصيًا؟ مجلة تضع النساء في فئتهن النمطية “المثيرة” من دون سياق حقيقي لأي شيء آخر سوى أجسادهن”.
والآن بعد أن تحدثت حليمة، التي اقتحمت أول عرض أزياء سنة 2016 عندما تنافست على لقب ملكة جمال مينيسوتا بالولايات المتحدة الأميركية؛ عن نضالها للتوفيق بين عملها في عرض الأزياء ومعتقداتها الدينية ورحلة الحجاب، حيث أثنى كثيرون على صدقها.
وفي هذا السياق، كتبت إحدى مستخدمات تويتر “حليمة عدن كانت بالفعل واحدة من أجمل النساء التي رأيتها في حياتي، والآن جعلتها قصة حجابها أكثر جمالًا. كما علق آخر “حليمة عدن نموذج مذهل للمرأة المسلمة؛ المحجبة وغير المحجبة”.
من جانب آخر، أشادت زميلتها عارضة الأزياء جيجي حديد بتصريحاتها وشجاعتها في مواجهة شكوكها، وكتبت أنه “من المهم للغاية، سواء كانت محجبة أو لا، التفكير في الذات والعودة إلى المسار الصحيح مع ما نشعر به حقيقيًّا بالنسبة لنا”.
وأشارت الكاتبة إلى أنه بالنسبة إلى عالم صناعة الأزياء الأوسع، فإن قبول حليمة عدن يدعو إلى التساؤل عن مدى نجاح الجهود المستمرة للتنوع والشمول حتى الآن، خاصة إذا شعرت امرأة في مكانها بأنها مجبرة على التنازل من أجل التقدم والنجاح.
المصدر : الصحافة البريطانية