لبنان في أزمة… و”كلّ يغني على ليلاه”!
جاء في “المركزية”:
كثرت في الايام الماضية المؤشرات التي تؤكد ان لبنان بلغ الحائط المسدود وان وضعه بات غير قابل للانقاذ، الا بتغيير جذري في مكان ما. فالقوى السياسية على مختلف مشاربها، باتت تبحث عن مخرج، وتطرح طروحات “كبيرة”، لان “المسكّنات” النمطية، كتشكيل حكومة مثلا، في نظرها، باتت لا تكفي، والازمة الراهنة تتطلب اكثر من دواء “كلاسيكي”، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”.
التيار الوطني الحر، على لسان رئيسه النائب جبران باسيل، اقترح الذهاب الى حوار وطني يعيد البحث في النظام اللبناني كلّه. أما الحزب التقدمي الاشتراكي، فتحرّك على خط رؤساء الحكومات السابقين، ساعيا – على ما يبدو، الى تشكيل “جبهة” هدفها التمسك بالطائف وبصيغته ومنع الانقلاب عليه، بعد ان لمس محاولات لتغييره من قبل الفريق الرئاسي بالمباشر وحزب الله من خلفه.
اما القوات اللبنانية، فتبدو في صدد جولة اتصالات سياسية موسّعة، هدفها واحد: الذهاب نحو انتخابات نيابية مبكرة. فمعراب لا تنفك تؤكد، منذ اندلاع ثورة 17 تشرين، عموما، وانفجار المرفأ واستقالة حكومة حسان دياب، خصوصا، ان لا خروج من المأزق الا بتغيير الاكثرية النيابية الحالية. وهي تشير الى ان الدوران في الحلقة المفرغة سيستمر طالما التوازنات في البرلمان على حالها، ولا تتردد في القول انه وحتى لو تمكّن الرئيس المكلف سعد الحريري من تأليف حكومة – وهو امر لا تعتبره واردا للاسباب النيابية المذكورة آنفا – فإن حظوظ نجاحها في مهمة الاصلاح والانقاذ والتغيير المطلوبة، ستكون شبه معدومة، لان الاكثرية الحاكمة ستمنعها وستعود الى ممارساتها الكيدية التحاصصية المعهودة وقد خبرناها في كل الحكومات السابقة، دائما وفق القوات اللبنانية.
أما مجموعات أخرى، ومنها مثلا “لقاء سيدة الجبل”، فيرى ان الحل يجب ان يبدأ باستقالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
الاكيد اذا، بعد سرد هذه المواقف كلّها، تتابع المصادر، أننا في “أزمة حكم”، والكل يقرّ بذلك. لكن الخطير في الواقع الاسود هذا، هو ان مَن يلتقون على هذه الحقيقة، لا يتفقون على كيفية حلّها، بل “كلّ منهم يغني على ليلاه”، تصوّراتُهم واقتراحاتهم لكسر المراوحة السلبية القائمة، متناقضة ومتضاربة، ما يفاقم حجمها وتداعياتها.. فكيف الخروج من النفق، فيما اللبنانيون جائعون وفقراء ومرضى، يموتون امام ابواب المستشفيات؟ هل من راع دولي قادر وجاهز اليوم للتدخل والتوسط بين اللبنانيين، كما فعلت السعودية في بداية التسعينيات، وفرنسا في مؤتمر سان كلو عام 2007، وقطر اثر احداث 7 ايار 2008؟ حتى الساعة، الجواب سلبي، ولبنان متروك لقدره المخيف.
عليه، ومن باب النصح، تضيف المصادر، لا بد من عدم تكبير الحجر كثيرا وطرح اقتراحات خلافية بامتياز فيما وضع الناس يحتاج حلا اليوم قبل الغد. والحل الوارد قد يكون سهلا “تطبيق الطائف بمندرجاته كلّها، السيادية والسياسية والاصلاحية، قبل الذهاب نحو تعديله”. أما اذا بقيت المشكلة اللبنانية مستعصية وموجودة، حتى بعد تسليم السلاح غير الشرعي وانشاء مجلس للشيوخ وتطبيق اللامركزية الادارية، فعندها لكل حادث حديث…