محليات

قطار: المشكلات البيئية متأتية من رؤية ضعيفة ومن غياب الحوكمة

نظمت نقابة اطباء لبنان في بيروت ندوة بعنوان “التلوث البيئي في لبنان الى أين؟”، في بيت الطبيب – فرن الشباك، بحضور ممثلين عن نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر، وزراء: المالية غازي وزني، الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي، العدل ماري كلود نجم والطاقة والمياه ريمون غجر ونقابة المحررين وأطباء وجمعيات بيئية وناشطين من المجتمع المدني.

شارك في الندوة وزير البيئة الدكتور دميانوس قطار الذي تحدث عن مشكلة النفايات وآفاق حلولها، والرئيس السابق للجنة الصحة النيابية الدكتور عاطف مجدلاني متناولا قانون سلامة الغذاء، ورئيس مركز البحوث العلمية الزراعية المهندس ميشال فرام عارضا لتلوث المياه والغذاء، ومنسقة الحملة 174 لتطبيق قانون حملة التدخين التي تحدثت عن الاركيلة والدخان.

بداية، قال نقيب الاطباء البروفسور شرف ابو شرف: “لبنان، درة الشرق ومستشفاه، قابع في العناية الفائقة، علته في استباحة القوانين وغياب الرقابة والمحاسبة، قلت غياب الضمير وتقاعس القضاء وتدني مستوى الاخلاق. الأسرة الدولية فقدت ثقتها بدولتنا، وفقد الشعب اللبناني ثقته بقادته، لقد عم الفساد حتى وصلنا الى هذه الازمات المعيشية الخانقة، ونكاد نفقد صحتنا، ولأن صحة المواطن هي ما يعنينا بالاساس في نقابة الاطباء، أردنا هذه الندوة”.

أضاف: “مؤلم جدا ان يتحول لبنان الى كتلة تلوث، تحاصره في هوائه ومياهه وغذائه وطبيعته، وبؤرة امراض تسمم ابناءه وتؤذي صحتهم، وترفع كلفة الفاتورة الصحية ملايين الدولارات، في حين انه بالامكان تفاديها او على الاقل تقليصها وتخفيف عبئها عن اللبنانيين، اذا ما قررنا فقط الالتزام بالقوانين وتطبيقها. وهنا تماما السؤال: ما نفع القوانين اذا لم تنفذ؟ والأهم لماذا لا تنفذ؟ منذ سنوات أقر قانون سلامة الغذاء، ويشمل كل انواع المأكولات والمشروبات على اختلاف انواعها واصنافها بما في ذلك المياه، اضافة الى المنتجات الزراعية التي تدخل في إعداد الغذاء، وعمليات تصنيعه وتحضيره وتعبئته وتسويقه. لكن اين نحن من كل هذا؟ وهل من يراقب؟ في الطبيعة كل شيء ملوث: الأنهار، البحر الذي تصب فيه مياه المجارير الآسنة من دون أن تمر بمحطات الصرف الصحي لتكريرها، مياه الشفة المختلطة بقنوات الصرف الصحي، الهواء الذي يغطي المدينة بسحابة سوداء ما يتسبب بارتفاع في نسبة الاصابة بالامراض السرطانية والصدرية، الحرائق التي تجتاح الغابات والاشجار وتعري الجبال وتصبغها بالاسود.. كل هذا وماذا فعلنا؟”.

وتابع: “في مجال التدخين والاركيلة، رغم كل النداءات التي اطلقتها نقابة الاطباء بالتعاون مع كليات الطب ومؤسسات المجتمع المدني لتطبيق القانون رقم 174 لمنع التدخين والأركيلة في الاماكن العامة، ورغم المؤتمرات التي عقدت والاحصاءات التي نشرت وتشير الى عدد الوفيات الكبير الذي يسببه التدخين ويصل الى نحو 5000 وفاة سنويا في لبنان، وفي حين دعت المؤسسات الدولية للصحة العامة الحكومات الى تعزيز تدابير مكافحة التبغ وسط جائحة كوفيد 19، إلا ان الدولة لم تحرك ساكنا، لا بل تجاوبت مع المؤسسات السياحية وسمحت بإعادة تقديم الاراكيل لاسباب اقتصادية كما ذكرت، علما ان دراسة مستندة الى بيانات وزارة المالية اثبتت ان عائدات قطاع السياحة والضيافة ازدادت بنسبة 3% خلال التطبيق الكامل للقانون 174 بين ايلول وكانون الاول 2012. فماذا ننتظر لنحمي شبابنا خصوصا من آفتي الدخان والاركيلة؟”.

وقال: “في مسألة النفايات الواقع مؤلم ومبك، فإلى الصورة القاتمة التي غزت شاشات العالم عن اكوام النفايات التي ملأت الشوارع والطرقات، تضاف الامراض والروائح الكريهة التي تملأ بيوتنا وصدورنا من دون اي بوادر حلول، بل تمديد لواقع مر يزيد من اطنان النفايات في بحر لبنان لتمتد الى الدول المجاورة. فمتى سيتغير هذا المشهد وهذه الصورة المحزنة؟ وهنا نسأل كذلك عن دور المواطن في جائحة التلوث، فعليه ايضا تقع مسؤولية كبيرة. ماذا فعل لتحسين الوضع البيئي؟ هو يرمي نفاياته على الطريق، ويقيم الكسارات والمرامل ويخرب الجبال غير آبه بارتداداتها ونتائجها على الطبيعة والارض؟ يدخن لا يسأل عن احد، يحفر آبارا ارتوازية ويجفف الينابيع، يحرق الاحراج ليشعل الباربيكيو”.

أضاف: “المواطنة هي الكلمة المفتاح لحس المسؤولية ومحاربة التلوث لدى المواطن. اما عن دور الحكومة والمسؤولين، ففي تحمل المسؤولية والرؤية السليمة والخطط وفي التوعية وتطبيق القوانين والمحاسبة. لقد وصلنا الى عتبة المرض لكن العلاج ما زال في متناول اليد إذا أحسنا التصرف كمواطنين ومسؤولين قبل فوات الآوان، بيئتنا مرآتنا. بالامس انتخب لويس أبي ناضر من بسكنتا رئيسا للدومنيكان، التقيناه صيف 2017 مشاركا في المؤتمر الاغترابي، آلمه الاعتداء المتمادي على البيئة عندنا رغم اعجابه بطبيعة بلادنا الخلابة. لا شيء ينقصنا في لبنان إلا العودة الى الاصول، عنيت الاخلاق وتطبيق القانون. لذا، هيا بنا نعمل كل من موقعه، من وحي رسالتنا الوطنية والعلمية والانسانية. ليعود لبنان واحة جمال وأمان، وطن الانسان والسلام”.

من جهته، اعتبر وزير البيئة ان “المشكلات البيئية متأتية في جزء منها من رؤية ضعيفة، والجزء الاكبر من غياب الحوكمة التي تشكل الاساس في الاطار البيئي”، موضحا أنه عند اطلاعه على التقارير تبين، له ان “ليس الحل هو ما ينقص بل التطبيق المستدام للحلول”، مشيرا الى أن “هناك 940 مكبا عشوائيا تتوزع في مختلف المناطق اللبنانية، و65 معملا لفرز النفايات المنزلية، والحل يكمن بالتخفيف من النفايات بنسبة 50% على الاقل، وفي ايجاد آليات المعالجة على الا يكون التطبيق مرحليا بل مستداما.

وأعلن أن خطة المعالجة التي يعمل عليها حاليا “تقوم على انشاء الهيئة الوطنية لمعالجة النفايات، وعلى ايجاد آلية للتخلص من النفايات والمخلفات واستخدامها ضمن الاقتصاد الدائري”، مشددا على “دور السلطة المحلية والبلديات في هذا الخصوص، وعلى عدم انشاء مكبات جديدة”.

بدوره، أوضح مجدلاني ان “التشريع اللبناني يلحظ احكاما وردت في نصوص قانونية متعددة ترعى سلامة الغذاء والصحة العامة، إلا ان هذا التشريع يتضمن ثغرات كثيرة تحول دون تأمين الحماية الكاملة لحقوق المستهلك في غذاء سليم. كما ان الوزرارات والهيئات المتعددة المولجة راهنا مراقبة تطبيق هذه القواعد، غير قادرة على لعب دورها بفاعلية من دون وجود آلية تتيح التنسيق في ما بينها نظرا الى وجود قوانين وانظمة متداخلة في ما بينها. يضاف الى ذلك، ان التشريعات الحالية لم تعد تتلاءم مع التطور التجاري والاقتصادي الذي طرأ على كل الصعد المحلية والاقليمية والدولية ولا تواكب التقنيات الحديثة”.

وقال: “لذلك اصبحنا في حاجة ماسة الى إعادة النظر في نظام الاغذية برمته واستحداث نظام جديد للاشراف على سلامة الاغذية يركز بشكل شامل وموحد، على تحديد وتطبيق مجموعة نموذجية من الارشادات”.

أما رئيس مجلس الادارة المدير العام ورئيس منظمة “ايكاردا” الدكتور ميشال افرام، فكشف أن هناك “كمية من النفايات السامة في احدى المناطق اللبنانية”. وعرض للوضع “الكارثي والمخيف في استعمال الآبار لضخ المجارير فيها، وتلوث كل الانهر، وتلوث المياه الجوفية بأكملها، وتلوث قسم كبير من الشاطىء اللبناني. وكل ذلك ناجم عن تلوث بالمجارير والمواد الصناعية، لذا تتواجد البكتيريا الضارة والمعادن الثقيلة”.

ولفت الى “استعمال المياه الملوثة في بعض المطاعم والافران والمخابز والمدارس والحضانات والمستشفيات”، مطالبا بـ”إعلان حال طوارىء بيئية مائية”.

وذكرت منسقة الحملة 174 لتطبيق قانون منع التدخين رانيا بارود بأن “4800 ضحية تسقط في لبنان سنويا نتيجة التدخين على انواعه من السيجارة الى السيجار الى جائحة الجائحات الاركيلة، وأن الفاتورة الصحية الناتجة عن التدخين منذ العام 2011 التي اقر فيها القانون 174 ولم يطبق حتى اليوم بحجة الخسائر الاقتصادية، بلغت 9،3 مليار دولار”.

وقالت: “عدم تحرك الحكومة لمنع التدخين، مثلما تحركت بموضوع الكورونا، لأن كورونا يتيمة الابوين، اما التدخين والاراكيل فوراءها 3 كارتيلات ضخمة: الريجي التابع لوزارة المال، وشركات التبغ العالمية التي يشكل لبنان جنتها، ومجموعة صغيرة جدا من المطاعم موجودة في وزارة السياحة”.

وانتقدت بشدة قرار وزارة السياحة السماح بتدخين الاراكيل في الاماكن العامة، مؤكدة أن “هذا القرار اتخذ بعكس توصية منظمة الصحة العالمية في لبنان، والدليل أن الدول التي منعت الاراكيل خلال جائحة كورونا ما زالت تمنعها حتى بعد رفع الحجر كليا”، داعية الى “العودة عن هذا القرار مدعوما بالكتاب المفتوح في هذا الصدد الموقع من نقيب الاطباء ونقباء المهن الحرة ورؤساء الجامعات الكبرى”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock
Libanaujourdui

مجانى
عرض