هل من إيجابيات تلوح في الأفق
الأنباء الكويتية
14 تموز 2020 00:27A+
“الأنباء الكويتية”:
زاد لبنان في حجم ومستوى «لجوئه» الى الدول الشقيقة (العربية) والصديقة (الغربية) مع تجاوز الأزمة المالية الخط الأحمر وبداية خروجها عن السيطرة، وبالمقابل ارتفعت درجة الاهتمام الخارجي بلبنان وصدرت إشارات تدل على أن لبنان ليس متروكا لمصيره ولا يراد له السقوط، ثمة تطورات وإشارات «إيجابية» استجدت وتدافعت في الأيام الأخيرة مخترقة الصورة القاتمة والواقع المرير، ويمكن اختصارها في النقاط التالية:
أولا: الاستجابة العربية السريعة لنداءات الاستغاثة من المسؤولين اللبنانيين الذين طرقوا أبواب الدول العربية طلبا للمساعدة العاجلة.
وفي هذا الإطار: ١- الرسالة الخطية التي بعث بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الى الرئيس ميشال عون (ردا على رسالة تسلمها السيسي من عون منذ أسابيع)، والتي تناولت أمرين أساسيين:
الدعوة الى الإسراع في ترجمة الإصلاحات كممر إجباري للحصول على دعم صندوق النقد الدولي، ونأي الحكومة بنفسها عن التجاذبات الإقليمية كمدخل الى تصحيح علاقات لبنان العربية والدولية. وأكد السيسي في رسالته «حرص مصر على استقرار لبنان ورفاهيته»، معربا عن ثقته في أنه سيكون لدى المسؤولين اللبنانيين الارادة اللازمة لإخراج هذا البلد العزيز على قلوب العرب جميعا من الظرف الذي يمر به حاليا.
٢- «أول الغيث الخليجي» القادم من الكويت حيث زار البلاد مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم موفدا رئاسيا خاصا حاملا رسالة من الرئيس ميشال عون الى صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وهذه الزيارة تأتي في إطار استكمال جولة عربية شملت العراق وقطر والأردن بهدف البحث في كيفية تخطي الأزمة القائمة، وكيفية مساعدة لبنان لتجنيبه السقوط في الهاوية.
٣- «الاختراق العراقي» الذي بدأ مع زيارة الوفد الحكومي الى بيروت، ويتواصل مع زيارة يقوم بها رئيس الحكومة حسان دياب الى بغداد، تليها على الأرجح زيارة لرئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي الى بيروت لتوقيع اتفاقيات التعاون التي يعول عليها لبث «أوكسجين» في جسم المالية العامة اللبنانية من خلال حصول لبنان على نفط عراقي بأسعار مخفضة، ما سيؤدي الى تقليص فاتورة النفط بحوالي ملياري دولار سنويا.
ثانيا: «الليونة» المستجدة في الموقف أو السلوك الأميركي، وظهرت بعد زيارة قائد المنطقة الوسطى الجنرال ماكينزي الى بيروت، وترجمت في لقاء مطول بين رئيس الحكومة حسان دياب والسفيرة الأميركية دوروثي شيا. هذا الاجتماع، واستنادا الى مصادر السرايا، اتسم بالمصارحة وأجواء ودية وإيجابية:
رئيس الحكومة حرص على التأكيد أن لبنان جسر بين الشرق والغرب ولا يريد أن يدير ظهره للغرب، ولكنه لن يسمح بأن يجوع أبناؤه (في إشارة الى الانفتاح على الصين وإيران والعراق)، والسفيرة الأميركية أكدت على أن الولايات المتحدة ليست بصدد محاصرة لبنان، وإنما مستعدة للتجاوب في شأن تطبيق «قانون قيصر» واعفاءات واستثناءات يطلبها لبنان.
وحسب هذه المصادر، فان السفيرة شيا أقرت بأنها أخطأت في التقدير السياسي لتصريحاتها وحركتها، وأبدت التزاما بفتح صفحة جديدة ووعدت بتخفيف اللقاءات والتقليل من التصريحات وبث الحرارة السياسية مع السراي الحكومي.
ثالثا: التحرك الأوروبي في اتجاه لبنان، والذي يتم بشكل أساسي عبر:
1 – فرنسا من خلال زيارة وزير الخارجية جان ايف لودريان قريبا الى بيروت، لرفع درجة الضغوط على المسؤولين اللبنانيين وإشعارهم بخطورة الوضع وللاعلان عن مبادرة عملية تتعلق بمساعدة المدارس الكاثوليكية والفرنكوفونية، لودريان آت الى لبنان قادما من العراق (بغداد وأربيل) بمهمة محددة، هي ايقاظ المسؤولين من سباتهم العميق لأن المرحلة هي الأخطر وتنذر بالأسوأ، ولأن فرنسا وأوروبا قلقة من تداعياتها، ان لجهة تفكك وتحلل الدولة اللبنانية، أو لجهة ازدياد حالة التطرف والعنف ونشوء موجة هجرة جديدة باتجاه أوروبا.
٢- الفاتيكان الذي اتخذ قراره بالتوجه نحو الدول الغربية للجم الانهيار في لبنان الذي سيدفع المسيحيين الى الهجرة ويطيح بخصوصية الوضع اللبناني… وقد حصل تقاطع فاتيكاني فرنسي على تحرك سريع من أجل لبنان وتعديل بعض المواقف المتشددة، بعدما تبين أن درجة الضغط على لبنان كي ينتفض ضد حزب لله تضيق الخناق على الشعب اللبناني أكثر من الحزب، وأن عرقلة أو فشل عملية مساعدة لبنان عبر صندوق النقد الدولي أو غيره سيقضي على مسار تفاعل لبنان مع الغرب ويدفعه في اتجاه خيارات أخرى. وبالإجمال، بدأت الدول الأوروبية خاصة فرنسا والفاتيكان تعي مخاطر سقوط لبنان وارتداداته السلبية.