الضنية ـ إفتتح “مركز بخعون الخيري للرعاية الصحية الأولية” بدعوة من إتحاد بلديات الضنية وبرعاية سفيرة الصحة في العالم العربي رئيسة دائرة الرعاية الصحية الأولية في لبنان الدكتورة رندة حمادة وحضورها، في حفل أقيم في مبنى إتحاد بلديات الضنية، في حضور عضو المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الشيخ فايز سيف، الأمين العام للمنتدى الثقافي في الضنية أحمد يوسف، إمام وخطيب مسجد بخعون الكبير الشيخ سليم الحلبي، كاهن رعية حقل العزيمة الأب نقولا داود، المهندس زياد الصمد، ورؤساء بلديات ومخاتير وممثلين عن الصليب الأحمر اللبناني وجهاز الطوارىء والإغاثة في الضنية والأطباء والممرضين والعاملين في المركز وفاعليات.
سعدية
بعد النشيد الوطني اللبناني وعرض فيلم وثائقي عن المركز، ألقت عريفة الحفل الزميلة مطيعة حلاق كلمة ترحيبية، ثم ألقى رئيس إتحاد بلديات الضنية محمد سعدية كلمة قال فيها: “نرحب بكم في الضنية دياركم ديار الشهامة والكرامة والكظم على الغيظ والتمسك بالقيم، لأن الأمم الأخلاق ما بقيت. نرحب بصاحبة السعادة التي كانت للصحة في العالم العربي شرف تعيينها سفيرة لها، ولدائرة الرعاية الصحية الأولية في لبنان شرف أن تحظى برئاستها. الدكتورة المميزة رندة حمادة القادمة الى أهلها من بيئة الكرام، حيث الضيف يحاط بحفاوة وتكريم بحيث لا يرفع عيناً إلا على ضاحك أو مبتسم. من بيئة يعرف عنها فقط إغاثة الملهوف وإطعام الجائع وتكريم المحتاج وعون المظلوم وجزالة العطاء دون أن تبغي سمعة أو رياء. من بيئة تعتبر أن أصول الضيافة هي من أهم أسباب وجودها وبالرغم من كل ذلك جاءت متعففة عن أدنى أصول الضيافة التي تليق بها”.
وأضاف: “شاهدتم كيف تأسس المركز الصحي واتخذ القرار بمدة لا تزيد عن دقائق معدودات ،وباجتماع ضمّني إلى الدكتور خالد جمال وإلى الحاج الفاضل خالد جمال، وكان ذلك في الأول من شباط عام 2021، وقد تم تحضير الموازنة وخطة العمل خلال دقائق أيضاً، وبدأنا بتجهيزات المبنى الذي انتهى العمل فيه في نهاية شهر شباط وبدأنا العمل كخلية نحل مع أطباء متخصّصين خصوصاً بموضوع الكورونا. وطبعاً لا ننسى أبداً كل الأيادي البيضاء التي ساعدتنا على تنفيذ المهمة، بدءاً من وزير الصحة السابق حمد حسن، مروراً بطبيب القضاء حينها بالوكالة الدكتور ربيع أمون، ولاحقاً رئيس مصلحة الصحة الدكتور سعد الله صابونة ووزير الصحة الحالي الدكتور فراس أبيض. الوزيران زارا المركز والوزيران قالا إن “هذا ليس مستوصفاً، إنه مركز 5 نجوم”. وانتهت المهمة وطبعاً مهمة الكورونا، حيث سجلنا 12500 شخص تلقوا خدمات تمريضية وطبابة ولقاحات ضد الكوليرا”.
وتابع: “كان الإجتماع الثاني مع الحاج خالد جمال بحضور الدكتور خالد جمال، وكان على جدول أعمالنا سؤالنا له: “ماذا بعد؟”، فبدأ الإجتماع بسؤاله لنا “ماذا بعد؟”، وكان جوابنا “ماذا تريد؟”، قال: “خدمة الإنسان في منطقتي أيّاً كان هذا الإنسان”. وبدأت المرحلة الثانية بإنشاء مركز رعاية صحية أولية. وبصراحة، لم تكن المهمة سهلة، خصوصاً أن الأعمال تمت بإشراف شخصين هما رامية الأسعد ولولو ياغي، ولكن أدركت في النهاية مدى حرصهن علينا واهتمامهن بالمركز، فشكراً جزيلاً لهنّ”.
وقال: “نحن نعيش في منطقة تُصنّف بأنها واحدة من أكثر المناطق حرماناً في لبنان، وبحسب إحصاءات عام 2022 فإن 86 في المئة من سكانها يعيشون تحت خط الفقر، من أصل 180 ألف نسمة هم عدد سكانها، وزاد من الأعباء علينا وجود نحو 75 ألف نازح سوري في الضنية، بالتزامن مع توقف معظم المنظمات غير الحكومية عن تقديم المساعدات لنا وتوجههم نحو أوكرانيا، ما انعكس سلباً علينا وعلى جميع المراكز الإجتماعية والصحية، ومنها مركز بخعون الصحي الخيري. بل أكثر من ذلك، فحتى مرضى غسيل الكلى أصبحوا يعانون، وخصوصاً عندما لم تعد المستشفيات تستقبلهم إلا على نفقتهم الخاصة، ما دفع الحاج خال جمال خلال لقائنا الثالث به إلى القول لنا: “أنا لها”، فطلب مني الإتصال بمستشفيات الشمال وإبلاغهم أنه سوف يسدد فواتير غسيل الكلى حتى تنفرج الأزمة، وقد تم ذلك بالفعل حتى إنفرجت الأزمة”.
وأضاف: “تصوّروا الموقع الذي كنا فيه في إتحاد بلديات الضنية، حيث أن موظفي الإتحاد لا حول لهم ولا قوة ولم يقبضوا رواتبهم منذ أكثر من شهرين. في هذا الوقت تشرفت بزيارة الدكتورة رندة حمادة في مكتبها ومعي إحصاءات عن كل شيء. وكانت المفاجأة أنها كانت على علم بكل شيء ومتابعة لموضع هذا المركز من الألف إلى الياء، وزودتنا ببعض الأدوية إضافة إلى برنامج “فينكس”، حيث يتم تسجيل الأدوية المزمنة عليه ونستلم بعضها من جمعية الشبان المسحيين YMCA، وهذه الجمعية التي تعمل منذ وقت طويل من أجل الإنسان في بلدي وفقاً لمعايير الشفافية وخدمة الإنسان دون أي نوع من أنواع التمييز، كان لها الفضل الكبير في دعمنا عند مباشرة عملنا بالتعاون مع وزارة الصحة العامة، ونتمنى على باقي الجمعيات غير الحكومية أن تحذو حذوها، لذلك تمكنا من أن نستقبل 620 مريضاً في الشهر الأول بعد افتتاح المركز، و823 في الشهر الثالث، واليوم نحن نقف على عتبة الألف شخص الذين يستقبلهم المركز ويقدم لهم خدماته بشكل مجاني”.
وتابع: “كدنا أن نقفل ونذهب إلى بيوتنا ونترك خلق الله لله. لكن الله سبحانه وتعالى أكرمنا بالحاج خالد جمال والدكتور خالد جمال والدكتورة رندة حمادة وغيرهم، فكلما إجتمعت بهم أعود بطاقة إيجابية مجدداً العزيمة ومؤمناً أن الدنيا ما تزال بألف خير ولا يزال أملنا بقيامة الوطن موجود، وبأن طائر الفينيق ربما يكون حقيقة وليس من نسج الخيال. ونحن إلى هذا الحد فخورون بكم وبأمثالكم”.
وختم: “أعتقد أن دعاء مريض لم يتكلف إلا عبء الحضور إلى مركزنا ليمنحنا شرف خدمته، والإهتمام به، ويخرج من عندنا بدعاء إلى الله أن يجزيكم ويجزي صاحب هذا المشروع وكل من ساعد حسن الثواب، يكفينا، فدعاء المريض مستجاب ولا يرد”.
جمال
ثم ألقى الدكتور خالد جمال كلمة قال فيها: “في البدء كانت فكرة لم تلبث أن تحولت إلى عمل وفعل، بعد أن إنبرى لها رجل الخير الحاج خالد مرعي جمال، وآزره في ذلك مجموعة من رجال المنطقة المعروفين بحرصهم على العمل العام، وعلى رأسهم رئيس إتحاد بلديات الضنية محمد سعدية، حينما كانت جائحة الكورونا تنهش بالناس، وكانت الضنية مصابة كغيرها بهذا الوباء الفتاك، وكان لا بد من فعل ما ومبادرة ما تساهم في تحصين المنطقة وتخفيف الآلام والأوجاع، فعقدت الإجتماعات، ودرست الإحتمالات ووضع التصور وصيغت الميزانية وتعهد الحاج خالد مرعي جمال بدفع كامل التكلفة من الألف إلى الياء، وكانت المهمة تتطلب بناء المركز وتجهيزه والكلفة التشغيلية، وداوم على فعل ذلك حتى انتهاء جائحة الكورونا فابتدأت مرحلة أخرى وهي مرحلة تحول المركز الطبي الخيري إلى مركز للرعاية الصحية الأولية بإشراف وزارة الصحة العامة والدكتورة رندة حمادة تحديداً التي قدمت كل الدعم والإرشاد حتى وصل المركز إلى ما هو عليه اليوم. ويطيب لي بكل فخر أن أعلن أن المركز قد استقبل خلال الشهر الماضي أكثر من 800 مريضاً ومراجعاً وقدم لهم الإستشارة والفحص والتحاليل والأدوية مجاناً”.
وأضاف: “بالإضافة إلى مركز الرعاية الصحية الأولية قام الحاج خالد مرعي جمال وعلى نفقته الكاملة بإنشاء مركز الضنية للمعلوماتية والإحصاء ، بإدارة الأستاذ زياد جمال، والذي من أولى مهماته تقديم الإحصاءات الصحية التي تفيد المركز وكل ما له علاقة بالعمل الصحي”.
وختم: “باسم الحاج خالد مرعي جمال وباسمي الشخصي، أتقدم بالشكر من معالي وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض ومن الدكتورة رندة حمادة رئيسة دائرة الرعاية الصحية الأولية في لبنان، على الجهود التي بذلت وعلى الإهتمام الكامل من أجل تحويل مركز بخعون الطبي إلى مركز للرعاية الصحية الأولية، مع ما يعني ذلك من تقديم معونات دوائية ومعدات وإشراف لتخفيف الآلام عن المرضى الذين بالإضافة الى أمراضهم يعانون بسبب الظروف الحالية من القلة والصعوبة في الحصول على خدمة طبية مميزة ودواء لازم بسبب إرتفاع أسعار الأدوية والخدمات. كذلك نتقدم بالشكر من إتحاد بلديات الضنية بشخص رئيسه محمد سعدية، ونتقدم بالشكر أيضاً من الأطباء والممرضين والإداريين والعاملين في مركز بخعون الخيري للرعاية الصحية الأولية”.
حمادة
ثم ألقت حمادة كلمة قالت فيها: “أتشرف أن أكون بينكم اليوم بعد جولتي في عكار، وأشكر هنا رئيس إتحاد بلديات الضنية محمد سعدية على جهوده لإيصال المركز إلى ما هو عليه اليوم، وعرفت من خلاله الأيادي البيضاء التي سعت لبناء هذا الصرح الصحي المهم ليكون في خدمة أهلنا في الضنية”.
وأضافت: “برغم أن الضنية كما بقية المناطق اللبنانية تعاني من حرمان الدولة، فأنتم والمغتربين تعطوننا إيماناً ومحبة من أجل خدمة الناس، ومساعدة المتشبثين على البقاء في أرضهم بوجود أناس أمثالكم. وقد تعلمت منكم ومن رئيس الإتحاد المثابرة على العمل، فما قمتم به يعطينا دروساً في الوطنية والإنسانية لكثير من الناس”.
وتابعت: “في قلبي قطعة سوداء مرّة بسبب جشع وطمع أناس يذهبون بنا إلى القعر، ولكن هناك أيضاً بالمقابل في قلبي قطعة بيضاء منيرة هي أنتم، لأنكم تعطوننا الأمل والتفاؤل والحماسة، لأن التفاني الذي تقدمونه يدفعنا إلى العمل قدر الإمكان لمساعدة المحتاجين والمرضى”.
وقالت: “الرعاية الصحية الأولية هي مدخل إلى النظام الصحي العام، وانهيار هذا النظام كان بسبب أنه كان مبنياً على المستشفيات وبدعم من الدولة، ما أربكها وأرهق المواطن وزاد من العبء على خزينة الدولة بفعل المحاصصة بدون أي مردود صحي إيجابي، فكان دور مراكز الرعاية الصحية الأولية منذ عام 2008، بحيث بات قرابة 80 في المئة من الأمراض يعالج في هذه المراكز المنتشرة في المناطق اللبنانية كافة، من دون تكلف عناء الذهاب إلى المستشفيات، خصوصاً بالنسبة إلى الأطفال والحوامل وأصحاب الأمراض المزمنة، وهؤلاء شريحة كبيرة تقدم لهم الخدمات الصحية في هذه المراكز”.
وأضافت: “إن من حق المواطنين الحصول بكرامة على رعاية طبية لائقة وذات جودة ونوعية، وهو حق ينبغي أن تطالبوا به جميعاً. وهنا أعدكم بأننا مقبلون على برامج صحية جديدة رسمية وبدعم خارجي، وهذا المركز سيكون على رأس اللائحة المستفيدة من دون أي وساطة، وأن يكون جزءاً رئيسياً من كلّ مشروع للرعاية الصحية الأولية، خصوصاً أن المستفيدين من خدمات هذه المراكز في كل لبنان قد زادوا بنسبة 62 في المئة”.
وختمت: “إنني أعتبر مركز بخعون الخيري للرعاية الصحية الأولية قيمة مضافة، وسيأتي أناس إلى هنا ليروا كيف يتم تقديم الخدمة إلى المواطن، وكيف تكون الخدمة مميزة”.
وبعدما قدّم سعدية وجمال درعاً تكريمية إلى حمادة، قامت بقص شريط الإفتتاح قبل أن تقوم بجولة في أرجاء المركز.