جاء في وكالة “أخبار اليوم”:
ما هي العِبَر الأساسية التي يُمكن استخلاصها من خلال رسائل الميدان الساخنة، المتطايرة، والعابرة للمناطق، في الآونة الأخيرة؟
هي معادلة “وحدة بوحدة”، المحليّة والإقليمية، رغم استنكار البعض، وتوضيحات البعض الآخر. ولا فارق كبيراً بين من يريد توجيه رسائل سياسية “بالنّار”، وبين من يريد توتير الميدان، للوصول الى هندسات سياسية ومالية جديدة، تحميه. وبين الفريقَيْن، وصلت الرسائل كلّها، والنتيجة هي أن الحكومة تتهالَك يومياً، دون القدرة على إعادة ترميمها، وذلك رغم القنوات السياسية التي لا تزال مفتوحة بين كثير من الأطراف المتباينة والمتضاربة في الميدان.
لا شرعيّة
الأبرز في المشهد نفسه هذا، هو أن أي تغيير حكومي جديد، لن يحصل على “الشرعية” المطلوبة والضرورية، والتي يُمكنها تأمين الحاضنة الأساسية لعدم حصول مزيد من الإنهيار. فحزب “القوات اللّبنانية” مثلاً، أكد أنه لن يشارك في الحكومة القادمة، وأنه يريد انتخابات نيابية مبكرة، وذلك على لسان نائب رئيس “الحزب”، جورج عدوان.
وهذا يعني أن لا شرعيّة مسيحية وازنة بعد اليوم، لأي حكومة يُمكنها أن تُشكَّل في ما تبقّى من عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، طالما بقيَت سطوة السّلاح غير الشرعي، على السلطات الأولى والثانية والثالثة.
لا تريد المغادرة
شدّد أمين سرّ تكتّل “الجمهورية القوية”، النائب السابق فادي كرم، على أن “الحلول لا ترتبط بتغيير الحكومة كهدف بحدّ ذاته، وذلك حتى ولو كان يمكن إجراء تغيير حكومي في لحظة معينة، من خلال تفاهمات قد تحصل، كما كان حال الحكومات السابقة. ولكن الحلّ لا يكمُن هنا”.
وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى “أننا نتحدّث اليوم عن سلطة مصرّة على إبقاء لبنان بالوضع الذي هو فيه. وهي أخذت الشّعب اللبناني كلّه رهينة. سلطة حاكمة أدخلتنا بالوضع المأساوي، لا مخرج حقيقياً منه إلا من خلال حالتَيْن، هما إما مغادرتها، أو إجراء تعديل في داخل تلك السلطة الحاكمة نفسها”.
وقال:”مع الأسف هي لا تريد أن تغادر. فضلاً عن أنها تضحّي بحياة اللّبناني، وتأخذ الشعب رهينة لنَيْل الأموال من الخارج على ظهره. وبالتالي، هي سلطة غير قابلة للتعديل، أو للتعاطي مع الشعب باحترام، لأن لديها برنامجها الواضح، وهو التحالف بين سلطوية شخصية من جهة، ومشروع خارجي، من جهة أخرى”.
حكومة مستقلّين
وشرح كرم: “هذا الواقع يتوضّح بين “التيار الوطني” بقيادة (رئيسه النائب جبران باسيل، وبين مشروع “حزب الله” الإيراني. فالمشروع والتفاهم بينهما لم يتمكّن من إنقاذ لبنان، إنقاذاً يقوم على سحب اليد عن الدولة اللبنانية، وهو ما سيمكّن الشعب اللبناني إذا حصل من أن يدخل مرحلة جديدة، تقوم على تشكيل حكومة مستقلّين، تقنيّين، مشهود لهم بالنظافة، يتمكنون من نقل البلد الى مرحلة إنتقالية جديدة تعيد بناء الإقتصاد، وتعيد تكوين السلطة بشكل كامل”.
وأكد أن “أي كلام مغاير لذلك، يُدخلنا في مرحلة من الفوضى التي ستكون مُكلفة على الأفرقاء كافّة، وعلى كل لبناني في الداخل، وحتى على اللّبنانيين الذين هم في الخارج، والذين لديهم إستثماراتهم في لبنان، وتحرم الدولة من أن تستفيد منها”.
تكوين السّلطة
وأوضح كرم: “القوات اللبنانية” لن تقدّم براءة ذمة لسلطة دمّرت الوطن، وهي غير قادرة على وقف الإنهيار الذي تسبّبه”.
وعن كلام رئيس الحكومة حسان دياب، الأخير، والذي يوحي بمن يبحث عن مؤامرة غير موجودة أصلاً، أجاب:”خطابه يعكس نوايا السلطة الفاشلة التي تسعى الى إخفاء فشلها عبر ابتداع مؤامرات وهمية، وتسعى الى استمرار تسلّطها على الشعب، والتضحية بعدد كبير من الأحرار في لبنان”.
وختم: “شاهدنا نماذج مماثلة حول العالم خلال القرن الماضي، عندما ضحّت بعض الأنظمة بنسبة كبيرة من شعبها تحت مسميات واتّهامات متعدّدة. وهذا مستمرّ في بعض الدول اليوم أيضاً، مع الأسف. ولكن الأهمّ هو أننا بحاجة الى سلطة تستطيع وضع خطوات عملية وفورية للإنقاذ الإقتصادي والإجتماعي، وتحضّر لانتخابات نيابية فوراً، بما يُعيد تكوين السلطة”.