أمهات بعد الـ40.. تحديات ومواجهات وأمومة أكثر مسؤولية

كانت تفضل لو أنها تزوجت في أوائل الـ30 لتنجب أكثر من طفل، لكنها لم توفق “بشريك العمر المناسب” قبل عمر 39. تروي هدى للجزيرة نت قصة محاولة الإنجاب فورا بعد الزواج والتي تعرقلت لأسباب صحية نسائية تعرضت لها واستمرت 6 سنوات.

وعندما أرادت اللجوء للتلقيح الصناعي، كانت بويضاتها قد ضعفت أكثر بسبب العلاج الذي تعرضت له، فنصحها الطبيب بأخذ بويضات من إحدى المتبرعات (من خلال عملية معروفة بالتبرع بالبويضات، وهي في الواقع بيع لها، شرط عدم اللقاء بين المتبرعة والمتلقية).

وفي عمر 46 أنجبت طفلتها، وكانت حاملا بتوأم إلا أن أحد الأجنة لم يكتب له الصمود، كما تقول.

التجربة الأجمل

كان حمل وولادة الطفلة صعبا على هدى، ولذلك تنصح الصبايا أن يلجأن إلى عملية تجميد وحفظ بويضاتهن في أوائل الثلاثينيات، كي لا يضطررن لأخذ بويضات أخرى، وليحمل أطفالهن جينات الأم.

الطفلة اليوم عمرها 5 أعوام، وتقول هدى إنها رغم تعبها تشعر أنه لا شيء أجمل من الأمومة. وترى الأمومة المتأخرة أكثر نضجا ومسؤولية، و”التجربة التي توّجت تجارب حياتي واختصرتها”، بحسب ما تقول للجزيرة نت.

مسك الختام

وتخبر سعدى حمود (54 عاما) أنها أنجبت ولدها الخامس علي يوم عيد ميلادها الـ43. فقد أرادت بشدة إنجاب صبي آخر كي لا يبقى ابنها رضا وحيدا كما تقول، رغم أن له 3 أخوات: رياسة وسارة وفاطمة.

وأنجبت سعدى طفلتها الأولى وهي في عمر الـ23، ورافقها تعب التنقل من منزل إلى آخر بسبب الأوضاع المعيشية، مما جعل التربية والتعود على البيئة الجديدة أصعب.

وفي عام 2006، نصحتها المشرفة النفسية حينها بعدم الإنجاب خوفا من فكرة تشوّه الجنين بسبب تقدم سنها، لكنها تقول “عندما ولد علي بحثت عن رقمها، وأخبرتها أني أنجبت أجمل وأذكى ولد”.

وتضيف أنها استفادت من خبرتها في تربية أطفالها الذين أرضعتهم جميعا حتى عمر 4.5 سنوات تقريبا.

تجربة الأمومة رائعة

تقول هلا أبو سعيد إن تجربة الأمومة رائعة، فقد تزوجت بعمر 39 عاما و9 أشهر، وولدت يارا (6 سنوات) وهي في منتصف الأربعين. وتشير إلى أنه ليس من الضروري أن تتغير خصوبة المرأة في عمر الأربعين إذا كنت صحتها جيدة.

وفوجئ الطبيب بفحوصها معتبرا أن جسمها جسم امرأة في العشرين، على حد تعبيرها، وقالت “لا أدري إن كنت استثناء، لكنني ضد تعميم فكرة أن المرأة في الأربعين غير قادرة على إنجاب طفل طبيعي”.

وتشير إلى أنها لم تكن لتعيش الأمومة في العشرين من عمرها من حيث الحنان والعاطفة كالتي تعيشها مع يارا، ففي عمر العشرين كان لديها الكثير لتحققه والتركيز على شخصيتها.

وتعتبر أن كل التركيز الآن أن تفخر بها طفلتها، وتحقق لها ما حرمت هي منه. وتؤكد أن الأم في الأربعين تعرف قيمة الولد أكثر، وتشجع هلا على الأمومة المتأخرة لأنها تحمل نضجا فكريا، وتربية يملؤها العطاء ولا أنانية فيها، حسب قولها.

وتقول هلا للجزيرة نت “يارا كل حياتي، وأنا منفصلة عن والدها وأهتم بمصاريفها وحدي، المهم أن تبقى معي. ولست متطلبة منها ولا يعنيني التفوق الدراسي، يهمني أن تكون سعيدة”.

بعض الأمهات الكبيرات يخفن على الولد لأنه الفرصة الأخيرة، فيحطنه بالذعر، ولكن هلا تعتبر أن الأمومة في الأربعين مثالية، إذا كانت صحة الأم جيدة.

الطب يفند ويعطي الأمل

طبيبة الأمراض النسائية والعقم ليال أبي زيد، المسؤولة عن قسم الخصوبة في مستشفى المشرق في بيروت وإحدى أعضاء برنامج “ذا دكتورز” (The Doctors)، تتحدث لموقع الجزيرة نت عن إيجابيات الأمومة بعد عمر الأربعين، معتبرة أنه يكون لدى السيدة رغبة عالية بالأمومة، بعد أن عاشت حياتها وحققت ذاتها من خلال العمل، وتحسن وضعها المادي.

كل هذه العوامل تجعل منها أمّا أفضل كما تقول، وتتفرغ من الناحية النفسية لتعيش أمومتها بشكل كامل، فهي تلجأ للإنجاب بسبب الرغبة وليس كواجب، ويكون استيعابها للطفل أنضج لأنها مرت بتجارب ساعدتها في إدارة وتدبير الأمور.

وتشير إلى أن الدراسات تعتبر أن الإنجاب بعد الأربعين يطيل عمر الأم، ويؤخر الألزهايمر لأنها تكون بحاجة لطاقتها وللتفكير أكثر للاهتمام بالطفل.

ومن الأمور المزعجة بحسب ليال بعد الأربعين، أن فرص نجاح الحمل تقل، وإمكانية التعرض للإجهاض أكبر، وكذلك تشوهات الجنين الذي يؤثر أيضا عمر الأب عليها.

وأحيانا تضطر المرأة للجوء إلى وسائل مساعدة للحمل، وهو مسار غير سهل نفسيا وصحيا. وخلال الحمل يزداد خطر الإصابة بسكري الحمل، والزلال، والولادة المبكرة؛ فهو بالتالي حمل لا يخلو من المخاطر.

عدد بويضات محدد

وتقول الدكتورة ليال إن السيدة تحت عمر 35 عاما يكون لها فرصة 25-35% لحصول الحمل كل شهر، وتبدأ بالهبوط إلى 12%، وبعد عمر الأربعين تتضاءل إلى 5-6%. فالسيدات يولدن بعدد معين من البويضات تتكون منذ أن يكنّ أجنة بعمر 3 أشهر.

وفي سن البلوغ يكون لدى الأنثى حوالي 400 ألف بويضة، وتقل تدريجيا مع تقدم العمر، وتشيخ البويضات أيضا وتصبح المعلومات الجينية متعبة أكثر، فتقل فرص الحمل وتكثر مخاطر الإجهاض.

وتشير ليال إلى ضرورة معرفة أن التلقيح الصناعي لا يعني القدرة على الإنجاب في أي عمر، إذ يحتاج إلى بويضة وحيوان منوي بنوعية جيدة صحيا.

وتعتبر أن التسويق ربما ساهم في ترويج فكرة قدرة السيدة على الحمل في أي عمر، من خلال الإضاءة على سيدات شهيرات حملن في عمر الخمسين، وهذا في الواقع لأنهن لجأن إلى وهب البويضات، موضحة أن البويضة إذا كانت من سيدة صغيرة ولقحت ووضعت في رحم أي سيدة في أي عمر، فإنها يمكن أن تحمل بالجنين.

وترى أن التقدم بالعمر من أكثر الأسباب التي تجعل السيدة تأتي للمعاينة للحصول على طفل، و”نلجأ مباشرة إلى الفحوص ووسائل المساعدة من دون انتظار، كي لا تخسر السيدة أيّا من الفرص التي تقل مع العمر”.

وتختم الدكتورة ليال “نصيحتي للسيدات اللواتي يتزوجن بعد عمر 38 عاما، محاولة الحمل طبيعيا في الأشهر الستة الأولى، وإن لم يحصل فيجب الذهاب مباشرة إلى الطبيب، وألا يؤجلن هذا المشروع، ورغم ارتفاع نسب العقم عالميا، لكن التطور يجد الكثير من الحلول، المهم عدم التأخر في استشارة الطبيب”.

المصدر : الجزيرة

Libanaujourdui

مجانى
عرض