تنمية موعودة وعمالة رخيصة.. القضارف السودانية تنظر للوجه الآخر من أزمة اللاجئين الإثيوبيين

تتلهف عيدان الذرة المحملة بالقناديل في مخيم أم راكوبة بولاية القضارف السودانية لأيدي اللاجئين الإثيوبيين الماهرة والرخيصة مع حلول موسم الحصاد، في ظل شح العمالة المحلية في ولاية تضم نحو 6 ملايين فدان مزروعة بالذرة والسمسم.

وينظر المزارعون في ولاية القضارف، خاصة في المناطق القريبة من مخيمات اللجوء، للاجئين الإثيوبيين القادمين من إقليم تيغراي الذي يشهد معارك منذ نحو شهر، كضربة حظ على الرغم من المخاوف الاجتماعية لدى المجتمعات المضيفة للاجئين.

وتحيط حقول الذرة بمخيم أم راكوبة الذي يبعد نحو 100 كيلومتر شرقي مدينة القضارف التي تبعد بدورها عن العاصمة الخرطوم نحو 411 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي.

وفي غضون 3 أيام سيكون مخيم الطنيدبة على بعد 130 كيلومترا جنوب غربي القضارف جاهزا لاستقبال نحو 30 ألف لاجئ، حسب يعقوب محمد يعقوب مدير مركز استقبال اللاجئين في حمدايت على الحدود مع إثيوبيا.

وتقع الطنيدبة قرب خزان “أبو رخم”، وهي منطقة زراعية تعاني شح الأيدي العاملة التي هجرت الزراعة واتجهت إلى الكسب السريع من التنقيب عن الذهب.

ويتحتم على أي متنقل من مدينة القضارف صوب معسكرات اللاجئين أو مراكز استقبالهم السير مسافات طويلة في طرق غير ممهدة تحيط بها حقول الذرة والسمسم.

تدفق اللاجئين
ويبدو استخدام اللاجئين الإثيوبيين في عمليات حصاد الذرة والسمسم حلا مناسبا بعد أن أغلقت الحكومة السودانية معبر القلابات الحدودي الذي كانت تتدفق عبره العمالة الموسمية للحصاد من إثيوبيا.

وقال مدير مركز حمدايت -للجزيرة نت- إن المركز سجل حتى مساء أمس السبت دخول أكثر من 29 ألف لاجئ من إقليم تيغراي، فضلا عن نحو 15 ألفا آخرين في مركز هشابة.

ويؤكد يعقوب اكتمال ترحيل نحو 10 آلاف لاجئ من حمدايت إلى مخيم أم راكوبة الذي لم يخطط من مساحته سوى نصف كيلومتر مربع، في حين ينتظر نقل 30 ألفا آخرين إلى مخيم الطنيدبة الذي اكتمل تخطيطه.

وتوقع يعقوب تقلص أعداد المتدفقين عبر نقطة حمدايت الحدودية لصعوبة وصولهم بعد سيطرة الجيش الفدرالي الإثيوبي على ميكيلي عاصمة إقليم تيغراي، على أن يتركز تدفق اللاجئين عبر نقطة هشابة إلى الجنوب من حمدايت.

آمال ومخاوف
ويطمح أهالي بلدة الدوكة، التي يبعد عنها مخيم أم راكوبة نحو 7 كيلومترات، أن يساعدهم اللاجئون في عمليات حصاد الذرة، خاصة في ظل تأخر تدخل المنظمات الدولية.

ويقول المزارع إبراهيم عثمان يعقوب، أحد أعيان دوكة، إنه يمكن استيعاب اللاجئين في عمليات الحصاد، خاصة أن الشباب يمثلون الفئة الأكبر بينهم، شريطة أن يتم ضبط الدخول والخروج من المخيم خوفا من تسربهم إلى المدن.

ويشير إلى أن مخيم أم راكوبة كان يضم حتى العام 2000 نحو 75 ألف لاجئ إثيوبي، لكن المنظمات والسلطات الحكومية كانت تضبطه جيدا.

ويبدي يعقوب مخاوفه من تردّي الرعاية الصحية في ظل تقارير تتحدث عن إصابات وسط اللاجئين بالإيدز والتهاب الكبد الوبائي وفيروس كورونا.

وينبّه صخر عبد المنعم، وهو أحد شباب المنطقة، إلى أن اللاجئين سيشكلون ضغطا على مصادر المياه بالمنطقة، حيث تعتمد دوكة على آبار عذبة في أم راكوبة.

تنمية منتظرة
وحفرت منظمات الأمم المتحدة آبارا أرتوازية في أم راكوبة حين استضافت اللاجئين الإثيوبيين في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، إذ تمد المحطة العتيقة بالمياه بلدة دوكة المكتظة بالسكان.

وستضطر المنظمات الإنسانية إلى رصف طريق زراعي ضيق وشديد الوعورة بين المعسكر والبلدة لضمان وصول المساعدات قبل حلول فصل الأمطار.

ويتوقع أن يسهم تزايد وصول المنظمات في إيجاد وظائف على مستويات عدة.

ووفقا لمتوكل السفاح، وهو سائق شاحنة، فإنه تلقى عرضا من منظمة لنقل وتوزيع أغطية للاجئين مقابل 25 ألف جنيه يوميا (نحو 100 دولار).

وسيضطر اللاجئون في مخيم أم راكوبة إلى العمل أجراء عند المزارعين السودانيين في عمليات الزراعة المطرية حال امتدت إقامتهم، لأن قانون اللجوء المجاز أخيرا يحظر على اللاجئين تملك الأراضي، حسب عبد الباسط عبد الغني مدير المعسكر.

ووهبت الحكومة السودانية اللاجئين الإثيوبيين إلى المنطقة سابقا نحو 500 فدان لزراعتها، لكن هذه المساحات يملكها مزارعون محليون.

خدمات أممية
وفي محلية المفازة إلى الجنوب الغربي من مدينة القضارف ينتظر القاطنون هناك تدفق اللاجئين في مخيم الطنيدبة بعد اكتمال تخطيطه، من واقع تجربة سابقة لتدفق اللاجئين جنت منها المنطقة منافع كثيرة.

ويقول الصحفي من أبناء المفازة ياسر المساعد، إن محطة المياه بمنطقته كانت نواتها محطة آبار أرتوازية شيدتها منظمات الأمم المتحدة.

ويضيف -للجزيرة نت- أن منظمات الأمم المتحدة سيتحتم عليها رصف طريق يربط بين المفازة ومدينة الفاو بطول 72 كيلومترا لضمان وصول المساعدات إلى مخيم الطنيدبة في الخريف على بعد 25 كيلومترا من المفازة حاضرة المحلية.

وطالب أهالي المفازة الحكومتين المحلية والاتحادية بتشييد الطريق لإنهاء حالة العزلة التي تعيشها المنطقة كل خريف، لكن دون جدوى.

ويشير الصحفي إلى أن موضوع اللاجئين ليس كله أزمة لأن المزارعين في المنطقة سيكونون بحاجة إلى الأيدي الإثيوبية العاملة المعروفة بمهاراتها وشدة تحملها.

ويوضح المساعد أن أجور العمالة الإثيوبية أرخص بنسبة 40% من أجور العمالة المحلية، كما يطالب الحكومة بتوفير غاز الطهي حتى لا يفنى الغطاء النباتي بالمنطقة كما حدث في أزمة اللجوء السابقة خلال الثمانينيات، حسب قوله.

المصدر : الجزيرة

Libanaujourdui

مجانى
عرض