ثلثا الناخبين قاطعوا التصويت.. مجلس النواب الأردني الجديد بلا نكهة سياسية

كما أظهرت نتائج الانتخابات فشل الأحزاب القومية واليسارية وتيار الدولة المدنية بالحصول على مقاعد في البرلمان الجديد، بينما تراجعت حصة الإسلاميين ضمن قائمة التحالف الوطني للإصلاح، وفاز بعض الحزبيين لكن على أسس عشائرية، دون برامج سياسية حقيقية.

11/11/2020

بمشاركة 29.9% من الناخبين، يولد مجلس النواب الأردني الـ19، حيث تتراجع فيه نسبة السياسيين والحزبيين لصالح رجال المال والأعمال والعشائريين، تحت سطوة المال السياسي الذي شهد توسعا في الانتشار لهذه الدورة، وفق مراقبين.

ويرجع محللون مقاطعة الـ70% من الناخبين لجملة من الأسباب، أبرزها تفشي فيروس كورونا، وتصاعد أعداد الإصابات والوفيات، ترافق ذلك مع جو سياسي محبط من أداء مجالس النواب السابقة، وأزمة نقابة المعلمين، واستمرار الضغط الرسمي على الحريات العامة، إضافة لقانون الانتخاب الذي تنتقده المعارضة، لأنه “يعيد إنتاج نواب على ذات المنوال، ويسمح للمال السياسي بالتوسع”.

غياب ثلثي الناخبين

اللافت للانتباه في هذه الدورة، تراجع نسب الاقتراع في المدن الكبرى ذات الثقل السكاني، خاصة العاصمة عمّان والزرقاء وإربد، وتواضعها حتى في محافظات الأطراف ذات البعد العشائري. ورغم زيادة أعداد المرشحين في هذه الدورة بنسبة 30% مقارنة بالدورة السابقة 2016، فإن ذلك لم يرفع من نسب المشاركة في الانتخابات، بل انخفضت بنسبة 6% عن الدورة الماضية.

وكانت الهيئة المستقلة للانتخاب أعلنت أن نسبة الاقتراع في الانتخابات بلغت 29.88%، بعد تصويت مليون و386 ألف ناخب وناخبة، بينما بلغ عدد من يحق لهم التصويت 4 ملايين و700 ألف ناخب وناخبة.

ودخلت المملكة بعد يوم الاقتراع في حظر شامل يمنع فيه تنقل الأردنيين من مساء أمس الثلاثاء وحتى صباح الأحد المقبل، إلا أن احتفالات الفائزين الذين ظهرت نتائجهم ليلة أمس وصباح اليوم ملأت الطرقات والشوارع العامة في عدد من محافظات المملكة.

100 نائب جديد

حسب النتائج الأولية للانتخابات فإن المجلس النيابي الجديد سيضم 100 وجه جديد، في حين تغيب عنه رموز برلمانية سجلت حضورا سياسيا مهما في الدورات السابقة، أبرزهم النائب عبد الله العكايلة والنائب خالد رمضان وغيرهما، مع غياب لأحزاب المعارضة وتراجع حصة الإسلاميين.

نواب جدد يغلب عليهم رجال الأعمال من القطاع الخاص، يحملون خبرات متنوعة في النواحي الاقتصادية والعسكرية والخدمة العامة، إلّا أن أبرز ما ينقصهم “التجربة النيابية والسياسية والحزبية، وعدم وجود عمل نيابي منظم وفق برامج، مما سيؤثر على أداء المجلس الرقابي والتشريعي في دورته الأولى”.

ويقرأ مدير مركز راصد لمراقبة الانتخابات عامر بني عامر في نتائج الانتخابات أن الناخبين وجهوا رسالة لصانع القرار مفادها أنهم يريدون التغيير في الطبقة السياسية والحزبية في مجلس النواب، وأن ينسحب هذا التغيير على بقية مؤسسات الدولة.

مؤشر خطير

خلاصة التجربة الانتخابية وتراجع نسبة المشاركة يؤشران -برأي المحلل السياسي عريب الرنتاوي- إلى “وضع خطير”، فعدم انخراط الأردنيين في عملية التغيير والإصلاح المرجوة من هذه الانتخابات، تدق ناقوس الخطر أمام صانع القرار، فتغيير الوجوه تحت القبة دون تغيير في السياسات والبرامج لن يصنع فارقا في أداء المجلس الجديد.

ويتساءل الرنتاوي لمصلحة من يتم تغييب الحزبيين أصحاب البرامج السياسية والاقتصادية، والتضييق على الإسلاميين في تشكيل قوائمهم لتحجيم حضورهم تحت القبة، والبديل عن ذلك، خليطٌ جديدٌ ولكن بالأدوات نفسها، يضم رجال المال والأعمال وتمثيلا عشائريا ومناطقيا، بعيدا عن أية برامج سياسية أو اقتصادية أو إصلاح سياسي.

وبحسب فرق مراقبة الانتخابات فإن استخدام المال السياسي وعمليات شراء الأصوات أثرت بشكل سلبي على مجمل العملية الانتخابية، وساهمت بالحد من حرية الناخبين، وأثرت على مخرجات العملية الانتخابية.

الإرادة السياسية بالتغيير

غياب الحزبيين والسياسيين وتراجع حصة الإسلاميين أرجع أسبابهما أمين عام جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة لـ”هندسة الدولة العميقة لشكل ومخرجات العملية الانتخابية”، فهناك استحقاقات سياسية واقتصادية صعبة مقبلة على المملكة، سيطلب من مجلس النواب أن يكون طيّعا سهلا في تمريرها.

إضافة لذلك، -والحديث للعضايلة- هناك جملة تدخلات رسمية في مراحل العملية الانتخابية خلال تشكيل القوائم الانتخابية للإسلاميين وبعد تشكيلها، وضغوط على مرشحين للانسحاب، وتجاوزات يوم الاقتراع وتفشي المال السياسي، مما يؤكد غياب الإرادة السياسية الحقيقية للإصلاح السياسي، لأن أي إصلاح حقيقي سيغير من قواعد اللعبة ويحاصر الفاسدين.

تغيير الوجوه تحت قبة البرلمان دون أي تغيير جوهري في الأدوات الانتخابية، سواء على مستوى القانون أو ممارسات أطراف العملية الانتخابية، سيكرر المجالس السابقة ذاتها التي رفضها الأردنيون، والأخطر من ذلك أنه يخفّض من نسب المشاركة، ويفتح الباب لرأس المال في إنتاج المجالس المقبلة.

المصدر : الجزيرة

Libanaujourdui

مجانى
عرض