خوفا من هروب الدولار.. خيارات مصر لمكافحة عودة السوق السوداء

مع تأثر مصادر العملات الأجنبية في السوق المصري بسبب التأثيرات الاقتصادية السلبية لانتشار فيروس كورونا، عادت من جديد ظاهرة السوق السوداء الصغيرة لتجارة العملات الأجنبية، وذلك بعد أن تراجعت بشكل كبير منذ قرار تحرير سعر الصرف في نهاية عام 2016.

ومنذ قرار تحرير سعر الصرف (التعويم)، سيطر البنك المركزي المصري على أهم ظاهرتين كانتا تنذران بانهيار اقتصادي ومالي، هما السوق الموازي (السوق السوداء) للعملة الأجنبية، والدولرة (تحويل المدخرات إلى دولار بدلا من الجنيه). 

وقال مصرفيون ورجال أعمال لرويترز إن معاملات غير رسمية جرت في الأيام القليلة الماضية عند سعر 16.15 جنيها للدولار، مقارنة مع سعر معروض يبلغ 15.75 جنيها بمكاتب الصرافة والبنوك. 

ووفقا لبنك أوف أميركا يوم الجمعة الماضي، سجلت صناديق السندات نزوحا قياسيا بقيمة 109 مليارات دولار، وأدت عمليات بيع لشتى الأصول في السوق إلى تراجع حاد في كل فئة تقريبا. 

وشهد يوم 16 مارس/آذار تخارجا قياسيا بلغ 4.7 مليارات دولار من صناديق سندات الأسواق الناشئة، مما قاد إلى نزوح أسبوعي قياسي قدره 18.8 مليار دولار، بحسب رويترز.

وقبل يومين، ذكر موقع البورصة المصري أن السوق الثانوي شهد صافي مبيعات سندات من الأجانب بقيمة 17.1 مليار جنيه، تعادل مليار دولار خلال يومين، ليرتفع إجمالي صافي مبيعات الأجانب منذ منتصف فبراير/شباط إلى 40.3 مليار جنيه . 

إجراءات المركزيوفي محاولة لكبح “الدولرة”، لجأ البنك المركزي المصري إلى إجراءين: أولهما خفض الفائدة على الودائع الدولارية في البنوك المحلية ما بين 1.25% و2.25%، وفق مقارنة مراسل الجزيرة نت لأسعار الفوائد اليوم بمثيلاتها قبل عدة أشهر. 

وخفض البنك الأهلي المصري (أكبر بنك بمصر) عوائد الودائع الدولارية على شهادات الادخار بالدولار بنسب مختلفة، تتراوح بين 1.25% و2.75%.

وتمثل الإجراء الآخر من جانب البنك المركزي، في طرح شهادات ادخار بالعملة المحلية، عن طريق بنكي مصر والأهلي الحكوميين، بعائد 15% لأجل عام واحد، بهدف تقليل شهية الأفراد لتحويل أموالهم إلى دولار.

وقال مدير أحد فروع البنك العربي الأفريقي بالعاصمة القاهرة، إن هذه الأوعية الادخارية -سواء بالعملة المحلية أو الصعبة- تطرحها بنوك الدولة وليست البنوك الخاصة، مضيفا أن أسعار الفائدة على الدولار لدينا منخفضة جدا تصل إلى 0.25% على حساب التوفير مثلا. 

وأشار المسؤول المصرفي في حديثه للجزيرة نت، إلى أن الهدف من تلك الإجراءات التي يدعمها البنك المركزي في أوقات الأزمات، هي السيطرة على سوق الصرف، وتحجيم عمليات الدولرة المتوقعة، خاصة بعد خفض الفائدة 3% أسوة بباقي دول العالم. 

ليست ظاهرةبدوره، قال العضو المنتدب لشركة إيليت للاستشارات المالية سيف الدين عوني إن “البنك المركزي اتخذ كافة الإجراءات اللازمة لمواجهة ظهور سوق موازية للدولار أو الدولرة، مضيفا “نراهن على وعي الناس، ولكن في حال زيادة الطلب فسنشهد ارتفاعا طفيفا في الطلب على الدولار”. 

وقلل عوني -في حديثه للجزيرة نت- من تأثر سوق الصرف بالتوجه للدولرة في ظل وجود بدائل قد تكون تنافسية، من خلال توفير ودائع ادخارية بالبنوك المحلية تصل نسبتها إلى 15%، وذلك لاستيعاب الأفراد الراغبين في الحفاظ على مدخراتهم. 

وأوضح أن “الرهان هو على الوضع الاقتصادي العام في العالم كله وليس في مصر فقط، وأي ارتفاع للدولار مقابل الجنيه هو أمر منطقي وطبيعي ومتوقع حدوثه، ولكن لا نتوقع استمراره وتحوله إلى ظاهرة كما كان الوضع عليه قبل أعوام”. 

مضاربة أم حفظ مدخراتمن جهته، أكد الخبير الاقتصادي وائل النحاس أنه “في ظل التقلبات الاقتصادية في العالم، هناك من يحاول خلق فرص لزيادة عوائدها الاستثمارية أو المالية، وهناك غير الراضين عن سعر الفائدة بعد خفضها بمعدل 3%”.

وأشار النحاس في حديثه للجزيرة نت إلى أن “من يشتري الدولار من السوق السوداء الآن ليسوا رجال أعمال، إنما مستثمرون أفراد يرغبون في الاستفادة من فرق الأسعار المتجهة للارتفاع”.

وأوضح أن فئة من يشتري الدولار هي فئة المضاربين الصغار، لأنه لا يوجد طلب كبير من قبل المستثمرين على شراء السلع المكملة من الخارج في ظل حالة الحصار الموجودة في العالم، والحاجة الآن اقتصرت على شراء الطعام والشراب، وهو متوفر في مصر. 

لكن الخبير الاقتصادي أقرّ بوجود تقلبات في الأسواق، قائلا “عادت السوق السوداء للظهور، وتوجه البعض نحو تحويل مدخراتهم إلى الدولار، ولكن بشكل عشوائي وليس منظما، ولكن تدخل البنوك المركزية للحفاظ على عملاتها في ظل التقلبات الحالية سيحد من خروجها عن السيطرة”.

المصدر : الجزيرة

Libanaujourdui

مجانى
عرض