شهادات ترويها 5 نساء.. النفور وجه آخر للعلاقة بين الأم وابنتها

يتغنى الناس عادة بحب الأم، ولطالما اعتبرت علاقة الفتاة بأمها من أفضل العلاقات؛ فالأم تتمنى لابنتها كل ما حُرمت منه، وتكون سندها في الحياة.

ولكن هذا ليس السيناريو الدائم؛ إذ حل النفور في العلاقة بين الأم وابنتها في قصص عاشتها سيدات عديدات، وأثرت على مسيرة حياتهن بطريقة أو بأخرى.

لهذه الأسباب لم أسامح أمي

رغم أنها قامت بكامل واجبها من الاهتمام بأمها إلى أن توفيت، فإن ندى (43 عاما) لم تستطع مسامحة والدتها؛ فالأم كانت تنتظر أي فرصة لتتحدث بالسوء عنها، ولم يكن يعجبها شيء مهما تفعل لها.

تقول ندى إن علاقتها بأمها اتسمت منذ الطفولة بالنفور، لأنها كانت تعامل أخوتها من الزوجة الأولى بلؤم، وكانت تتهم ندى بأمور تكون هي التي فعلتها، فتنال عقابا من والدها من دون أن تجرؤ على الاعتراف بأن أمها هي من فعل ذلك، وكانت تدخن من دون وعي، وأرادت إجبارها على الزواج من ابن عمتها، وعندما توسلت لها ألا تفعل ضربتها.

وتحول النفور من نفسي إلى جسدي، كما تقول ندى؛ “لم أكن أشعر بعيد الأم، كنت أبكي لأنه لا شعور لدي بأمومتها، بل أشعر تجاه زوجة أبي -التي أسميها أمي الثانية- بالحنان أكثر”.

المساعدة النفسية طلبت من ندى أن تواجه أمها وتسامحها، لكنها قالت “لم أستطع، ولم أرد أن أجرحها، وكذلك لم أستطع مسامحتها”.

حملت ندى ذنبا تجاه والدتها عندما توفيت، إذ لم تستطع إعطاءها الحب والحنان، وتقول “بسبب هذا كله علاقتي بابنتي رائعة، وأقوم بجهد كبير كي لا تحزن بسببي أو تنفر مني، لا أتحمّل أن يعيش أولادي لحظة هذا الشعور، وأداري مشاعري، ولا أقوم بما يزعجهم”.

وتضيف أنها تقول لابنتها “أنت شفائي”، وأنها عندما تعانقها ويتماس قلباهما تشعر بأنها تشفيها، والطفلة الصغيرة تعلم ذلك، وتقول إنها فخورة بأمها، ولا تفوت فرصة لإبداء حبها لها وإعجابها بها.

تخلصت من عنفها

تقول مي إن أمها بدأت تعنفها بطريقة عدوانية في عمر 13 عاما، “كنت بحاجة لحب في الوقت الذي تبدو فيه العائلة كأنها تنهار بسبب المشاكل بين أمي وأبي، وكانت تفرغ غضبها فيّ لدرجة أن آثار الضرب كانت دائما على جسمي”، فبدأ الشعور بالنفور.

وتضيف أن علاقة عداوة ربطت بينهما، خاصة أن العنف رافقه ابتزاز عاطفي، لأن الأم استمرت في زواجها من أجلها كما كانت تردد دائما، وتنعتها بأسوأ الصفات، فكانت تقول لها “خنزيرة”.

وتضيف مي “حتى في فترة الحيض التي لم تخبرني عنها، كانت تظهر شعور القرف تجاهي، مما جعلني أقرف من جسمي”.

كان شعور مي باللوم والغضب يترافق مع شعور بالذنب، حتى وصلت إلى فترة لا تتقبل الضرب، وبدأت تدافع عن نفسها. وتشير إلى أن علاقة الأم بأولادها الآخرين مختلفة، وتمارس دور الأمومة بشكل طبيعي.

لجأت مي إلى مختصة نفسية ساعدتها في توقف أنماط سلوكية مؤذية كانت تمارسها أمها عليها، وتقول “لا أحاول تحسين العلاقة، ولم أتصالح مع نفسي كفاية، ولا أشعر بضرورة تحسين العلاقة، وأمي غير واعية كفاية لتحسن علاقتها معي”.

الحب السام

“أنا ناجية من طفولة قاسية”. هكذا تقول رنا (40 عاما)، ورغم أنها تشفق على أمها التي زُوّجت غصبا، وترملت في عمر 29 عاما، وتتفهمها في كثير من الأوقات، إلا أن حياتها كانت جحيما بسببها، منذ أيام الحضانة وحتى الآن.

وتتذكر رنا والدها الذي توفي وهي في عمر 9 سنوات، واهتمامه بها وهي طفلة، وقراءة القصص قبل النوم، ويهتم بمدرستها، وكان ملجأ الأمان.

بعد وفاته تملك الغضب الوالدة، وأصبحت تضرب رأسها بالجدران، وتتصرف بجنون إزاء أي أمر، وحاولت الانتحار مرات عدة، ولا زالت تهدد به، وكانت تضرب ابنتها إذا لم تنظف البيت، أو لم تدرّس أخوتها، أو إذا كانت خزانتها فوضوية.

وتحكي للجزيرة نت أن أمها صفعتها بقوة لأنها قصت شعرها في عمر 16، وربطتها بجوارب النايلون وضربتها بالخيزران عندما علمت أنها تحب زميلها في الصف في عمر 17. ولم تتوقف حتى رمى أخوها الصغير نفسه عليها ليخلصها، فضربته بالخطأ وكسرت نظارته.

ذكريات ومحاولات

لجأت رنا لمساعدة نفسية، وحاولت جهدها كي تحظى بحب أمها وعناقها، أو سماع كلمة “حبيبتي”، فكانت تحضر لها القهوة والطعام كي ترضيها، وتقبلها فتمسح الأم القبلة عن خدها، مما أثر عليها لاحقا في محاولاتها لنيل الحب والتقدير من الناس، كما تذكر.

ووصلت رنا إلى معادلة الابتعاد مع الحفاظ على التواصل “للحفاظ على سلامتي النفسية”، وعندما انفصلت عن زوجها لامتها أمها، بدل الوقوف إلى جانبها.

ولا تشك رنا في حب أمها لها، وتقول إنها لا تعرف كيف تعبر، و”أنا لم أعد قادرة على تحمل هذا الحب السام، وأنا أحبها ولا أقصّر معها”.

وتشير إلى أن أمها لم تفوت فرصة من دون القول إنها ضحّت لأجل أولادها، و”تجعلنا ندفع ثمن عدم زواجها بعد وفاة والدي، رغم أنها لم تضطر للعمل، بل صرف علينا أهل والدي وعمي”.

وتشفق رنا على والدتها وظروفها، وتعتبرها شخصا غاضبا من الدنيا، وتحاول قدر الإمكان الابتعاد عنها لأنها لا تريد لهذا أن ينعكس على ولدها.

مزقت صور طفولتي

ريما (35 عاما) تقول إنه لا توجد في رأسها صورة جميلة عن الأم التي كانت تترك أولادها الخمسة لدى جدتهم، وتسافر مع زوجها حيث يعمل طوال فترة المدرسة.

وتقول ريما إن هذا البعد انعكس كرها على طفولتها، حتى أنها مزقت كل صور الطفولة التي كانت خالية من وجود الأم، التي أخبرت مرة والد ريما وأخاها أنها تحب شخصا؛ فضرباها بشكل مؤذ، ووضعت الأم رأس ابنتها في الحمام، مما جعلها تنفر منها وتكذب عليها في كل شيء.

وتزوجت ريما أول شخص تقدم لها، لتتخلص من وضع المنزل، ولم تعارض الأم، ولم تكمل ريما دراستها، لكن العلاقة عادت وتحسنت بعد أن انفصلت ريما عن زوجها، وعادت صريحة معها قليلا.

بين أمي وابنتي

نهلا (46 عاما) تقول إن أمها لئيمة، ومن النوع المتسلط، تتدخل في كافة تفاصيل حياتها، ولا توفر الإهانات اللفظية، معتبرة أن ذلك حرصا ومحبة، خاصة في ما يتعلق بامتلاء جسمها، فتقول لها “هو هالنفس الفجعانة” (النهمة التي لا تشبع)، وأنها شريرة وعنيدة، حتى أنها تهينها أمام ابنتها، وتقول إنها لم تكن صديقتها يوما.

وجل ما تحاول نهلا فعله هو أن تحمي ابنتها من علاقة كهذه؛ فهي تقول لابنتها ما لم تسمعه من أمها يوما، “كل ليلة أقول لابنتي إنني أحبها”. وتجد من الصعب تقبيل والدتها “فهي أورثتني هذه القسوة، وهي أكثر من يجرحني، ولا أشك في حبها، ولكنها لم تعبر عنه”.

المصدر : الجزيرة

Libanaujourdui

مجانى
عرض