كيف تجيبين على مخاوف أطفالك بعد إصابتك بمرض خطير؟

ممارسة الأبوة والأمومة تعني العمل 24 ساعة كاملة كل يوم، لتقديم ما يلزم لأطفالك حسب احتياجاتهم في كل مرحلة عمرية؛ قد تلعب معه وتطارده في الحديقة وهو صغير، وتقوم بنقله وحضور الأحداث الرياضية التي يشارك فيها في المرحلة الثانوية، وتنظم حفلات أعياد الميلاد السنوية، وتقوم بتحضير الأكلات المفضلة، وتستضيف الأصدقاء، إضافة إلى قضاء الإجازات والسفر إلى الأماكن البعيدة.

ما لا نتخيله أو نتوقعه هو كيفية القيام بكل ذلك أثناء التعامل مع التعب والألم والأدوية والبقاء في المستشفيات فترة طويلة والتعايش مع الأمراض المزمنة طوال الوقت، فهل يمكن ممارسة الأبوة والأمومة بشكل جيد أثناء الإصابة بالمرض؟

تجيب اختصاصية العلاج النفسي كاتي ويلارد فيران -في مقال لها على موقع “سيكولوجي توداي” (psychology today)- عن هذا السؤال بنعم، وتقول إنه بغض النظر عن حالتنا الصحية فنحن ذو قيمة لأطفالنا لأننا ببساطة آباؤهم ونحبهم ونكن لهم المشاعر الطيبة، كما أن الأشياء التي لا يمكننا القيام بها هي أقل أهمية من الأشياء التي يمكننا بالفعل القيام بها، مثل الاستجابة لمشاعرهم والاهتمام بهم ودعمهم والاستمتاع بالوقت الذي نقضيه معهم، إضافة إلى نقل حبنا لهم بكل الطرق.

كتبت جينيفر برينجل عن تجربتها الشخصية مع الأمومة وإصابتها بمرض السرطان في مقال على موقع “هيلث لاين” (healthline)، تقول “لقد غيّر تشخيصي غير المتوقع بسرطان الثدي حياتي، فقد سمعت كلمات لا يريد أحد أن يسمعها “أنت مصاب بالسرطان، كأم عاملة لديها طفل صغير، ولم يكن لدي وقت لمرض خطير، لكن السرطان لا ينتظر جدول أي شخص، لذلك اضطررت لإعادة ترتيب حياتي للتركيز على صحتي وطفلي”.

تقول برينجل إن المرض هو عدو غير مرئي، يغزو أجسادنا ويتحكم في حياتنا قبل أن نعرف حتى أنه موجود، إنه يتركك تشعر بالوحدة والعزلة وفي حالة سريالية، تتساءل كيف ستصل إلى اليوم التالي، إلا أنها تؤكد أن تنظيم وقتها ومنح الأجداد حق رعاية طفلها وقضاء الوقت معه، والاهتمام بصحتها والتواصل المستمر مع الآخرين؛ كل ذلك جعلها تتخطى هذه المرحلة الصعبة.

كما يقدم موقع “لا بيرنت” (laparent) بعض النصائح للآباء ممن يعانون من مرض مزمن حول كيفية ممارسة مهامهم الأبوية خلال هذه الفترة الصعبة.

زيادة التناغم العاطفي

يعاني العديد من الآباء المصابين بمرض مزمن من أعراض تحد من قدرتهم على أداء المهام البدنية لأطفالهم، وبالطبع يكون مؤلما أن نخيب أمل أطفالنا، وألا ننقل لهم خبراتنا في الحياة التي يتوقون إليها.

إلا أنه من المهم جدا أن نتحدث مع أطفالنا حول ما يفتقدونه، والخسائر التي يمنون بها بسبب مرضنا، عندما نسمح لهم بالتعبير عن مشاعرهم، فإننا نخلق مساحة للألفة، قد ينفجر الطفل في البكاء أو يغضب من والديه لعدم قدرتهما على فعل ما يريد، ولكن علينا أن نتقبل ذلك وندعمه.

قد يتفاعل الوالد المريض بقوله “أنت غاضب لأنني لا أستطيع لعب لعبة الغميضة معك، إنه أمر مزعج حقا أن أكون عالقا على سريري طيلة الوقت”. أنت تعلم طفلك هنا أن لديه الحق ليغضب، ويمكنك أيضا أن تقول له “أرى أنك غاضب وخائب الأمل، وأنا أحبك. يمكنك التحدث معي متى تشاء عن هذه المشاعر الصعبة”.

تعد المرونة أمرا أساسيا كذلك، حيث يجد الآباء المصابون بأمراض مزمنة طرقا لتلبية احتياجات أطفالهم، يمكن للوالدين تقديم نوع مختلف من اللعب للطفل الذي يريد لعبة تتطلب الحركة، أو اقتراح مشروع فني أو قراءة كتاب أو مشاهدة الطفل وهو يلعب، يمكنك القول “لا يمكنني الركض معك اليوم، لكن يمكنني مشاهدتك تركض، أرني كيف تركض بسرعة”.

مخاوف يجب التعامل معها

قد يكون من المخيف للطفل رؤية أحد الوالدين يعاني من المرض، وأحد الأسئلة التي يتساءل عنها الأطفال عمن سيعتني بهم إذا مات والدهم أو أصبح عاجزا، ومن المهم الاعتراف بهذا القلق والمشاعر المخيفة المصاحبة له، وكذلك بث الطمأنينة الصادقة فيهم، كأن تقول “أنا أعاني من مرض، لكن لدي أطباء وممرضات ممتازين يعتنون بي، قل لي ماذا يقلقك؟”

تقول كاتي ويلارد إن شرح ماهية خطة العلاج والفوائد المتوقعة بلغة مناسبة للعمر يمكن أن يساعد الأطفال على الاحتفاظ بالثقة في أبويهم، وأنهم يتصرفون بشكل مناسب لحل مشكلة صعبة، أما إبقاء الأطفال في الظلام وعدم إطلاعهم على الحقيقة بحجة أنهم “أصغر من أن يفهموا” فإن ذلك يترك الطفل وحيدا مع مخاوفه وخياله، مما يزيد قلقه.

قد يقلق الأطفال أيضا من إمكانية أن يصابوا بنفس مرض والدهم أو والدتهم، وهنا أيضا تظهر الحاجة إلى التعاطف والطمأنينة الصادقة معهم، قد يستغل الوالد المريض الفرصة ليؤكد السلوك الصحي فيقول إنه “من المهم أن نعتني بأنفسنا، ونحاول تناول الأطعمة الصحية، والحصول على قسط كاف من النوم وممارسة الرياضة”.

قد يتخيل الأطفال كذلك أنهم من تسببوا في مرض والديهم، ويستخدم الأطفال هذا النوع من التفكير في محاولة للسيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه، وهو تفاقم مرض أحد الوالدين، ويمكن أن نساعد أطفالنا بالقول “مرضي ناتج عن خلايا في جسدي لا تعمل كما ينبغي، أنا لم أتسبب في ذلك، ولا أنت كذلك، في بعض الأحيان تحدث الأشياء ولا نعرف السبب”.

إشراك الآخرين في الرعاية

وجود شبكة من الأقارب والأصدقاء الموجودين في حياة الطفل أمر مهم دائما، ولكنه يأخذ معنى إضافيا عندما يعاني أحد الوالدين من مرض مزمن، ويمكن السماح للأفراد المقربين من الأسرة برعاية الطفل عندما يشتد مرض أحد الوالدين؛ فالطفل الذي لا يستطيع والداه ممارسة الرياضة معه قد يكون لديه قريب أو صديق يمكنه المشاركة في لعب كرة القدم، على سبيل المثال.

قد يكون من المؤلم أن يرى أحد الوالدين المصاب شخصا آخر يعتني بطفله ويستمتع بمصاحبته وقضاء الوقت معه، هذا شعور مفهوم، ولكن تذكر أنه لا أحد يمكن أن يحل محلك كوالد، في حين أن الآخرين يمكنهم التدخل وتزويد طفلك بالخبرات المهمة في الحياة، إلا أنهم ليسوا ولن يكونوا أبدا بديلا عنك.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

Libanaujourdui

مجانى
عرض