مناعة الاقتصاد اللبناني وقوة الليرة

كتب المستشار عبدالقادر أسعد
الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد خدمات بالدرجة الاولى وريعي من حيث مالية الدولة. ويشكل قطاع الخدمات فيه نسبة عالية من الدخل القومي او الناتج المحلي بالاضافة الى القطاع الزراعي والصناعي بشكل ضعيف.
فاقتصاد لبنان ليس بالاقتصاد القوي المنيع لكن ايضا ليس بالاقتصاد الهش كما استطاع اللبناني التاقلم في كثير من الازمات
لذلك يمكن ان نقول بكل ثقة ان الاقتصاد اللبناني لديه من المناعة ما يمكن ان يحميه تماما كما استطاع شعبه ان يعبر انفاق الازمات المتتاليه عليه وكذلك اقتصاده وادارة الاقتصاد بما لدى لبنان من قدرات ناهيك عن الشوائب الداخليه في جهاز الادارة العامة التي بدأت تشكل عباء ماليا على كاهل الدولة والشعب اللبناني بسبب الفساد والهدر وعدم الشفافية وقلة الخدمات ونهب بعض ثروات المرافق العامة
هناك ايضا من يحاول جر لبنان ومقوماته الاقتصاديه والمالية الى آتون اللعبة السياسية من دون مبرر عوضا عن تحييد هذا الاقتصاد كي لا يكون فريسة للتجاذبات السياسية ويصبح لبنان ومقوماته الضحية نتيجة هذه الانجرارات والتجاذبات.
وكثر الحديث مؤخرا عن التشكيك في قدرة الاقتصاد اللبناني على تجاوز الازمة الحالية من دون مبررات اقتصادية او اظهار مواطن الخطر بشكل دقيق وتوصيفي بالمعنى الاقتصادي
هناك من يحذرايضا بان الليرة اللبنانية هي على شفا حفرة او هاوية او بدأت بالغرق في رمال متحركه سياسية وغير سياسية ضاربين بعرض الحائط تقارير البنك المركزي وتقارير كثير من الموءسسات الدولية او التصنيفات المصرفية العالمية للقطاع المالي اللبناني
البنك الدولي وصندوق النقد اصدر توصيات واضحة بضرورة اجراء اصلاحات اقتصادية واجراء عمليات اعادة هيكلة تهدف الى خفض الدين العام
لبنان يواجه عدد من التحديات المحلية والاقليمية وحتى الدولية علما ان دوره المالي والاقتصادي على المستوى الدولي يبقى محدودا بحجم مشاركاته المالية او المصرفية
لذلك من البديهي من يعتقد بانه خبير في الاقتصاد اللبناني عليه ان يوضح المشكلة ويشخصها ويقدم حلول اقتصاديه لها
اما الليرة اللبنانية فشهدت تميزا ملحوظا طيلة الفترات السابقة ويعود ذلك الى قدرة البنك المركزي الحفاظ على التوازن بين القدرات المصرفية والطلب على الليرة اوحجم العملات الاجنبية التي يحتفظ بها البنك المصرفي بكميات وافرة اضافة الى ما تضمه المؤسسات المالية والمصرفيه الاخرى لتلبية حاجة السوق منها
ومن الواضح جدا ان هناك اطراف سياسية لبنانية هي المستفيدة من هذا الافلات و الانفلات والانفلاش في المالية العامة من دون قدرة الحكومات المتعاقبة على ايجاد حلول جذرية لهذه المشكلة التي بدأت تلقي بظلالها على الاقتصاد اللبناني بشكل عام وسيطرة واضحة للهيئات الاقتصادية المستفيدة بشكل اساسي من هذا الترهل في الاداء الحكومي على المستوى الضريبي وجمع الضرائب من الشركات والمصارف التي لم تعد تشكل اي نسبة عالية من واردات الدولة فيما تعد هي القطاع الحيوي الاكبر في لبنان ولاتستطيع ان تساهم في ماليته بينما هي المستفيد الوحيد من احتكارها لكثير من الخدمات والقطاعات الانتاجية لكنها تتهرب من الضرائب للدولة
لماذ لا تستيطع الدولة اللبنانية تقديم خدمات المياه والكهربا للمواطن اللبناني علما ان لبنان فيه اكثر من 14 نهر اضافة الى شواطيء تمتد على نحو 230 كلم من الشمال الى الجنوب؟ لما تستطيع دولة مثل باكستان او بنغلادش بزرع عشرات الالاف من لوحات توليد الكهربا من الطاقى الشمسية بينما يفشل لبنان والشمس فيها تعطيه الطاقة لاكثر من 80% من ايام السنة. ولما لاتستطيع الدولة نشر توربينات المراوح لتوليد الطاقة بينما العالم كله على سواحل اوروبا والبحر المتوسط يستطيع ان يلبي اكثر من 30 من حاجاته من هذه المولدات؟
لذا اصبح من الضرورة اسكات الاصوات التي تبث الشائعات على المواطنين بالتهويل بالانهيار الاقتصادي وبنفس الوقت اعطاء برامج عملية حقيقة للمواطن لاعادة الخدمات الى ما يجب ان تكون عليه اضافة الى تفهم المواطن ان عليه واجبات ايضا ليتلقى هذه الخدمات كي لا يبقى تحت رحمة المحتكرين للخدمات التي اتاحت لهم الظروف السياسية في لبنان للانفلاش والاستقواء على خدمات الدولة ونهبها ووضع اليد عليها وعدم السماح لاي مشروع يحاول تمرير صفقات الخصخصة لقطاعات الخدمات في لبنان في وقت تخلت فيها كل دول العالم عن هذه البرامج لعدم جدواها في اطار خدمة المجتمع.
فأصبح من الضروري ان نقف بضمير امام انفسنا ونعود لملف الاصلاح في كافة القطاعات الخدماتية وفي داوئر الدولة ونقف امام المواطنين لخدمتهم لا لخداعهم.

المصدر: المستشار عبدالقادر أسعد

Libanaujourdui

مجانى
عرض