دور تركيا في لبنان: لا دعم للتظاهرات ولا لبهاء الحريري

كتب منير الربيع في “المدن”:

منذ فترة، تتنامى على الساحة اللبنانية أقاويل واتهامات كثيرة حول الدور التركي في لبنان، لا سيما بعد تظاهرات 17 تشرين. أجهزة أمنية سربت معلومات عن دور للأتراك، أو لجمعيات ومجموعات محسوبة عليهم، تتحرك في الشارع. وجزء من الاقاويل يعتبر ان لتركيا طموح بسد الفراغ العربي، وبناء حضور متين بالاستناد إلى الطائفة السنّية في لبنان. كل هذه الأقاويل، ولم يصدر عن تركيا أي موقف واضح.

لطالما واجهت أنقرة في لبنان مثل هذه الاتهامات. ولكنها آثرت عدم الرد. قبل أيام، حدث احتجاج رفضاً للإساءة لتركيا والعثمانيين. ولدى سؤال مصدر ديبلوماسي تركي حول ما جرى، يشير إلى محبة الشعب اللبناني لتركيا. ويقول إن تركيا تقيم في قلوب جزء كبير من اللبنانيين.

التركمان وسائر الطوائف

ينفي المصدر الديبلوماسي التركي، أي مشروع لتركيا في لبنان، مؤكداً أن العلاقة أخوية بين البلدين. وهناك علاقات جيدة جداً مع الشعب اللبناني. ويشير إلى أن اتهامات كثيرة وُجهت لتركيا بتحريك الشارع. ولكن هذا الكلام كله منفي وغير صحيح. هناك من يريد الإساءة إلى تركيا بتصويرها عامل مخرب في لبنان. وفي فترة اندلاع الاحتجاجات، تم إرسال صور كثيرة عن متظاهرين رفعوا الأعلام التركية. وعند مراجعة الموضوع، تبين أن لا علاقة أبداً لتركيا بهؤلاء. ويشير المصدر إلى أن هناك أعداداً من المواطنين اللبنانيين من أصل تركماني، ربما رفع البعض منهم أعلام تركيا. ولكن تم التواصل معهم لإبلاغهم بعدم الإقدام على هذه الأفعال. فهم مواطنون لبنانيون وعليهم ممارسة مواطنيتهم اللبنانية. ولا علاقة لتركيا بهذا الامر على الإطلاق. بعد ذلك، رفعت مجموعات أخرى العلم التركي وتم استخدام بعض المساجد. وعندما تمت مراجعة الأمر، تبين أن هؤلاء الأشخاص لا علاقة لهم بتركيا أبداً، وربما يريدون إظهار تركيا وكأنها تلعب دوراً مسانداً لهم.

“حراس المدينة” وبهاء الحريري

ينفي الديبلوماسي التركي أي علاقة لأنقرة أو لجهات تركية بـ”حراس المدينة” او ناشطين آخرين في طرابلس. ويؤكد أن تركيا تتعاطى مع لبنان من دولة إلى دولة. ولو لدى الدولة اللبنانية أي معطيات بهذا الشأن، فنحن نقول لهم بإمكانهم استدعاء السفير التركي، وإطلاعه على المعطيات والدلائل لديهم لمتابعة الأمر. ولكن ذلك لم يحصل، لأن لا شيء من هذا القبيل. و”تركيا لا تتعاطى مع جهة لبنانية واحدة ولا طائفة واحدة. زوار تركيا من كل الطوائف والمذاهب”.

لا علاقة لتركيا أبداً مع بهاء الحريري، على ما يقول هذا الديبلوماسي، وهناك علاقة جيدة مع سعد الحريري، وتم التأكيد على هذا الأمر. ولا علاقة ابداً لنبيل الحلبي بتركيا. هو موجود هناك حالياً، بسبب إغلاق المطارات مع أزمة كورونا. ولكن تركيا لا تدعمه أبداً، ولا يمكن لدولة كتركيا أن تبني علاقات مع شخص. واعتبر المصدر أن الحلبي يستخدم اسم تركيا في طرابلس والشمال، مدعياً انها تدعمه لأن الناس يحبون تركيا. وبذلك يتم استقطابهم.

قانون قيصر وسوريا

يشير المصدر التركي أن العلاقة مع الحكومة اللبنانية جيدة. و”صحيح أن الوضع في لبنان سيء، ولكن لا بد من الخروج من هذه الأزمة”. لافتاً إلى أن التعاون مستمر مع لبنان. ولدى سؤاله عن تداعيات “قانون قيصر”، وإذا ما كان قد يدفع تركيا إلى التأثر في علاقتها مع لبنان بسببه، يجيب: “لا علاقة لتركيا بهذا القانون. ولا يمكن أن نحدد سياستنا بناء على سياسة دولة أخرى أو أكثر”. أما تداعيات قانون قيصر على سوريا، فيشير إلى أنها ستكون قاسية جداً، لا سيما بعد 17 حزيران. معتبراً أن القانون سيؤدي إلى تعقيد الأمور أكثر في سوريا. ولدى سؤاله إذا ما كان بشار الأسد سيبقى في السلطة بعد قانون قيصر، وماذا سيحصل في انتخابات العام 2021؟ يجيب المصدر التركي بأن الوضع في الشرق الأوسط يتطور بسرعة، ولا أحد يعلم إذا كانت الأمور ستبقى كذلك إلى شهر واحد، فكيف إذا كان لسنة واكثر.

إسرائيل والحدود

لكن الصورة لا تبدو واضحة بالنسبة إلى الوضع السوري. نافياً ما يحكى عن اتفاق تركي روسي أميركي حول مرحلة انتقالية هناك. ولا يمكن ربط الساحة السورية بما يجري في ليبيا، خصوصاً أن التنسيق مع روسيا مستمر. ويلفت إلى ان الصورة قد تبدأ بالتبلور بعد الانتخابات الأميركية. لافتاً إلى أنه لن يحصل اي تطور أساسي قبل هذه الانتخابات. ولدى سؤاله إذا كانت هناك مخاطر إسرائيلية على لبنان، يشير إلى أنه لن يحصل شيء قبل الانتخابات الأميركية.

هذا الأمر ينسحب أيضاً على ملف ترسيم الحدود، والذي كان موضع بحث أثناء زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في شهر آب الفائت إلى لبنان، للتأكيد على العلاقات المشتركة بين البلدين، معتبراً أن الدول المتشاطئة لا بد لها وأن تتوافق فيما بينها على ترسيم حدودها البحرية. وهذا أمر يجب أن يتم بالتوافق. وبعد التوافق، بإمكان أي دولة أن تختار الجهة التي تريد أن تتعاون وتتحالف معها.